كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)
رَقِيقًا فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَرُدَّ مَالَهُ إلَى سَيِّدِهِ فِي بِلاَدِ الْحَرْبِ كَانَ , أَوْ فِي بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ فَإِنْ مَاتَ رُدَّ عَلَى وَرَثَتِهِ . وَإِنْ اُسْتُرِقَّ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ , ثُمَّ عَتَقَ فَفِيهَا قَوْلاَنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ إذًا مُكَاتَبَتُهُ , وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَفَعَ إلَى وَرَثَتِهِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَالاً مَوْقُوفًا لَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ مَالِكُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالٌ كَانَ لَهُ أَمَانٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ نُبْطِلَ أَمَانَهُ وَلاَ مِلْكَهُ مَا كَانَ رَقِيقًا وَلاَ سَيِّدَ دُونَهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ هُوَ فَلَمَّا عَتَقَ كَانَتْ الْأَمَانَةُ مُؤَدَّاةً إلَيْهِ إذَا كَانَ مَالِكًا فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْهَا إذَا كَانَ إذَا ضَرَبَ إلَيْهِ مَلَكَهَا غَيْرُهُ عَلَيْهِ كَمَا وَرَّثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَبَوَيْنِ , فَلَمَّا كَانَ الْأَبَوَانِ مَمْلُوكِينَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوَرَّثَا ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَالَهُمَا مَالِكُهُمَا وَلَوْ عَتَقَ الْأَبَوَانِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَلَدِ وَرِثَا , فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ مَلَكَ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَبْلَ عِتْقِ السَّيِّدِ , قِيلَ : كَانَ مَوْقُوفًا لَيْسَ لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ مِلْكُهُ كَمَا يُوقَفُ مَالُ الْمُرْتَدِّ لِيَمْلِكَهُ هُوَ , أَوْ غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْإِسْلاَمِ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ إذَا جَرَى عَلَيْهِ الرِّقُّ فَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ ; لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا مَالَهُ بِأَنْ صَارَ غَيْرُهُ مَالِكًا لَهُ إذَا صَارَ رَقِيقًا . وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يُحْدِثْ لَهُ . السَّيِّدُ قَهْرًا يَسْتَرِقُّهُ بِهِ حَتَّى خَرَجَا إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَلَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَدَّى الْمُكَاتَبُ بِهَا وَلَمْ يُحْدِثْ لَهُ السَّيِّدُ قَهْرًا وَخَرَجَا إلَيْنَا كَانَ حُرًّا . وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا حَرْبِيٌّ وَعَبْدُهُ بِأَمَانٍ فَكَاتَبَهُ , ثُمَّ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ إلَى بِلاَدِ الْحَرْبِ , ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُهُ وَرَاءَهُ أَوْ مَعَهُ فَأَحْدَثَ لَهُ قَهْرًا بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ , وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى إلَيْهِ , ثُمَّ اسْتَعْبَدَهُ , ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ عَبْدًا لَهُ كَمَا يَحْدُثُ قَهْرُ الْحُرِّ بِبِلاَدٍ فَيَكُونُ لَهُ عَبْدًا . وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ , ثُمَّ كَاتَبَ عَبْدَهُ , ثُمَّ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ إلَى بِلاَدِ الْحَرْبِ , ثُمَّ أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ فَسَبَوْا عَبْدًا لِحَرْبِيٍّ , ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُ الْمُسْلِمُونَ كَانَ عَلَى مِلْكِ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمَانٌ كَمَا لَوْ أَغَارُوا عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَاسْتَعْبَدُوهُ ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُ الْمُسْلِمُونَ كَانَ حُرًّا ; لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمَانٌ , وَكَذَلِكَ لَوْ أَغَارُوا عَلَى الْحَرْبِيِّ بِبِلاَدِ الْإِسْلاَمِ وَقَدْ دَخَلَ بِأَمَانٍ فَسَبَوْهُ فَاسْتَنْقَذَهُ الْمُسْلِمُونَ كَانَ لَهُ أَمَانُهُ ,@
الصفحة 358