كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ , وَسَوَاءٌ كَاتَبَهُ عَلَى عُرُوضٍ مُنْفَرِدَةٍ أَوْ عُرُوضٍ وَنَقْدٍ يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ دَارًا بِعَرَضٍ وَنَقْدٍ إذَا كَانَ كُلُّ مَا بَاعَهُ مَعْلُومًا وَإِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ . وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ . .
الْكِتَابَةُ عَلَى الْإِجَارَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : رحمه الله : وَالْإِجَارَةُ تَمَلُّكُ مَا تُمَلَّكُ بِهِ الْبُيُوعُ إذَا شُرِعَ فِيهَا مَعَ الْإِجَارَةِ , فَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً بِيَدِهِ مَعْلُومًا فَأَخَذَ فِيهِ حِينَ يُكَاتِبُهُ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مَعَهُ , أَوْ بَعْدَهُ فِي نَجْمٍ آخَرَ مَالاً مَا كَانَ كَانَتْ الْكِتَابَةُ جَائِزَةً , وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً مَا كَانَ الْعَمَلُ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَمَلِ مَالاً يَأْخُذُهُ لَمْ تَجُزْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ إنْ كَانَ وَاحِدًا , فَهُوَ نَجْمٌ وَاحِدٌ . وَالْكِتَابَةُ لاَ تَجُوزُ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ فِي مَالٍ وَلاَ غَيْرِهِ , وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْ يَوْمِهِ عَمَلاً وَبَعْدَ شَهْرٍ عَمَلاً آخَرَ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ , وَنَحْنُ لاَ نُجِيزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ بَعْدَ شَهْرٍ عَمَلاً ; لِأَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهْرِ مَا يَمْنَعُهُ الْعَمَلَ مِنْ مَرَضٍ وَمَوْتٍ وَحَبْسٍ وَغَيْرِهِ , وَالْعَمَلُ بِالْيَدِ لَيْسَ بِمَالٍ مَضْمُونٍ يُكَلَّفُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ , وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى الْمَالِ مَرِيضٌ وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ , وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ لَهُ دَارًا وَعَلَى الْمُكَاتَبِ جَمِيعُ عِمَارَتِهَا وَسَمَّى لَهُ دِرْعًا مَعْلُومَ الِارْتِفَاعِ وَالْعَرْضِ وَالْمَوْضِعِ مِنْ الدَّارِ , وَسَمَّى مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ اللَّبِنِ وَقَدْرِ اللَّبِنِ وَالْحِجَارَةِ كَانَ كَعَمَلِهِ بِيَدِهِ لاَ يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَأْخُذُهُ فِي ذَلِكَ حِينَ يُكَاتِبُهُ وَيَكُونُ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ يُؤَدِّيه إلَيْهِ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ اسْتِئْخَارَ الْعَمَلِ لاَ يَجُوزُ , وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا , فَأَخَذَ فِيهِ حِينَ يُكَاتِبُهُ وَيُؤَدِّيَ إلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ الشَّهْرِ جَازَ . وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا حِينَ كَاتَبَهُ وَشَهْرًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ ضَرَبَ لِلْخِدْمَةِ أَجَلاً لاَ يَكُونُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِيهِ خِدْمَةٌ , وَهَذَا كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حُرًّا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الْخِدْمَةَ شَهْرًا , ثُمَّ يَخْدُمَهُ@
الصفحة 369