كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

نَفْسَهُ أَشْبَهُ أَلاَ تَرَى أَنَّ رَجُلاً لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ : إنْ أَعْطَيْتنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَدْ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ , فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَمْ تَكُنْ دَارُهُ بَيْعًا لَهُ بِمِائَةٍ وَلاَ غَيْرِهَا وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ حَتَّى يُحْدِثَا بَيْعًا مُسْتَقْبَلاً يَتَرَاضَيَانِ بِهِ , فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ لاَ يَكُونُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا حَتَّى يُحْدِثَا كِتَابَةً يَتَرَاضَيَانِ بِهَا .
الْخِيَارُ فِي الْكِتَابَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : رحمه الله تعالى : وَلَوْ كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ الْكِتَابَةَ مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْعَبْدُ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً وَلَوْ شَرَطَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ فَسْخَ الْكِتَابَةِ مَتَى شَاءَ كَانَتْ الْكِتَابَةُ جَائِزَةً ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِيَدِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْعَبْدُ أَلاَ تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْتِقُ بِالْكِتَابَةِ دُونَ الْأَدَاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ السَّيِّدِ خُرُوجًا تَامًّا , فَمَتَى شَاءَ تَرَكَ الْكِتَابَةَ . أَوْ لاَ تَرَى أَنَّ الْكِتَابَةَ شَرْطٌ أَثْبَتَهُ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ لِعَبْدِهِ دُونَهُ فَلاَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ .
اخْتِلاَفُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا تَصَادَقَ السَّيِّدُ وَعَبْدُهُ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَاخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ فَقَالَ السَّيِّدُ : كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ , وَقَالَ الْعَبْدُ : عَلَى أَلْفٍ تَحَالَفَا كَمَا يَتَحَالَفُ الْمُتَبَايِعَانِ الْحُرَّانِ وَيَتَرَادَّانِ , وَكَذَلِكَ إنْ تَصَادَقَا عَلَى الْكِتَابَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فَقَالَ السَّيِّدُ : تُؤَدِّيهَا فِي شَهْرٍ , وَقَالَ الْعَبْدُ فِي ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ , وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُكَاتَبُ أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْئًا كَثِيرًا , أَوْ قَلِيلاً , أَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَتَدَاعَيَانِ , وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَتَصَادَقَ الْمُكَاتَبُ وَالسَّيِّدُ أَنْ لَمْ تَكُنْ إلَّا كِتَابَةٌ وَاحِدَةٌ أَبْطَلْتُ الْبَيِّنَةَ وَأَحْلَفْتُهُمَا كَمَا ذَكَرْت , وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ فَأَدَّاهَا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَأَدَّى أَلْفًا لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ , وَتَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْكِتَابَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى , وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ مِنْ الْأُخْرَى , وَلَوْ شَهِدَا مَعًا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَاجْتَمَعَا عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ عَجَّلَ لَهُ الْعِتْقَ , وَقَالَتْ بَيِّنَةُ السَّيِّدِ : أَخِّرْ عَنْهُ أَلْفًا فَجَعَلَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ أَنْفَذْت لَهُ@

الصفحة 380