كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً قَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ لَهُ بِنِكَاحٍ وَيَبِيعَهَا , وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ لاَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ وَغَيْرِهِمْ إذَا كَانَ شِرَاؤُهُ إيَّاهُمْ نَظَرًا .
قَالَ : وَلَهُ إنْ أُوصِيَ لَهُ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَلَدِهِ أَوْ وُهِبُوا لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِمْ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَقْبَلَهُمْ وَإِذَا قَبِلَهُمْ أَمَرَهُمْ بِالِاكْتِسَابِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ , وَأَخَذَ فَضْلَ كَسْبِهِمْ وَمَا أَفَادُوا مِنْ الْمَالِ ; لِأَنَّهُمْ مِلْكٌ لَهُ فَاسْتَعَانَ بِهِ فِي كِتَابَتِهِ فَمَنْ أَدَّى عَتَقَ , وَكَانُوا أَحْرَارًا بِعِتْقِهِ . وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ , أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ جِنَايَةٍ , أَوْ مَلَكُوهُ وَهُمْ فِي مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ وَمَا مَلَكُوهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَهُوَ لَهُمْ دُونَهُ , وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ عِتْقٍ فَهُوَ جِنَايَةٌ عَلَى مَمَالِيكَ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ , وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْكَسْبِ وَيَدَعَهُمْ مِنْ أَنْ يَكْتَسِبُوا كَمَا لاَ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي عَبِيدٍ غَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ هَذَا إتْلاَفُ مَالِهِ , وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ إنْ مَرِضُوا , أَوْ عَجَزُوا عَنْ الْكَسْبِ , وَلَوْ خَافَ الْعَجْزَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَعْتِقُ وَذَلِكَ الْوَالِدُونَ وَالْوَلَدُ ( قَالَ ) وَإِنْ عَجَزَ رُدَّ رَقِيقًا وَكَانُوا مَعًا مَمَالِيكَ لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّ عَبْدَهُ كَانَ مَلَكَهُمْ عَلَى مَا وَصَفْت , وَإِنْ جَنَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ جِنَايَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِشَيْءٍ , وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْجِنَايَةِ ; لِأَنَّ مَا قَدْ بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ إذَا عَتَقَ , وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدًا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ , أَوْ بَاعَ أَحَدًا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ كَانَ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ مُنْتَقَضًا فِيهِ لاَ يَجُوزُ ; لِأَنَّ صَفْقَتَهُ كَانَتْ فَاسِدَةً .
وَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ غَيْرِ سُرِّيَّتِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : رحمه الله تعالى وَإِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ , وَلَهُ وَلَدٌ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ , وَإِنْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ صِغَارًا كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً ; لِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ عَنْ غَيْرِهِ لِسَيِّدِهِ , وَلاَ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَلاَ تَجُوزُ كِتَابَةُ الصِّغَارِ وَإِذَا وُلِدُوا بَعْدَ كِتَابَتِهِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أُمِّهِمْ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْوَلَدِ فِي الرِّقِّ حُكْمُ أُمِّهِ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً فَهُمْ أَحْرَارٌ , وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَهُمْ مَمَالِيكُ لِمَالِكِ أُمِّهِمْ كَانَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ , أَوْ غَيْرَهُ , وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لِغَيْرِ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ فِيهِمْ سَبِيلٌ إمَّا أَنْ يَكُونُوا مَوْقُوفِينَ عَلَى مَا تَصِيرُ إلَيْهِ أُمُّهُمْ فَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقُوا , وَإِنْ رَقَّتْ رَقُّوا , وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا رَقِيقًا , وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لِسَيِّدَةٍ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ , أَوْ غَيْرِ الْكِتَابَةِ فَسَوَاءٌ وَحُكْمُهُمْ بِأُمِّهِمْ دُونَهُ , وَكِتَابَةُ أُمِّهِمْ غَيْرُ كِتَابَتِهِ إنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ , وَإِنْ أَدَّى دُونَهَا عَتَقَ ; لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ حَمِيلاً عَنْهَا وَلاَ هِيَ عَنْهُ .@

الصفحة 390