كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

فَالْمُكَاتَبَةُ جَائِزَةٌ كَمَا يَجُوزُ إذَا كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَبْدَيْنِ مَعَهُ وَأَكْثَرَ فَإِنْ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَابْنَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ فَالْأَلْفُ مَقْسُومَةٌ عَلَى قِيمَةِ الْأَبِ وَالِابْنَيْنِ , فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبِ مِائَةً , وَقِيمَةُ الِابْنَيْنِ مِائَةً فَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الْأَلْفِ , وَعَلَى الِابْنَيْنِ نِصْفُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ , وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ رُفِعَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ , وَهِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ , وَبَقِيَتْ عَلَى الْآخَرِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ , وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ , وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ , وَلاَ شَيْءَ لِابْنَيْهِ فِيهِ وَهُمَا مِنْ مَالٍ كَأَجْنَبِيَّيْنِ كَاتَبَا مَعًا , وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الِابْنَانِ , أَوْ أَحَدُهُمَا , وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ مَاتَ عَبْدًا فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمْ عَنْهُمْ فَعَتَقُوا بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ , وَإِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ , وَأَيُّهُمْ عَجَزَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَكَانَ رَقِيقًا , وَالْقَوْلُ فِيهِمْ كَالْقَوْلِ فِي الْعَبِيدِ الثَّلاَثَةِ الْأَجْنَبِيِّينَ يُكَاتِبُونَ لاَ يُخْتَلَفُ وَلَوْ أَدَّى الْأَبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَتَقَ , وَكَانَ مَنْ مَعَهُ مِنْ وَلَدِهِ مُكَاتَبِينَ إذَا أَدَّيَا عَتَقَا , وَإِنْ عَجَزَا رَقَّا , وَلَيْسَ لِلْأَبِ مِنْ اسْتِعْمَالِ بَنِيهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ شَيْءٌ , وَلاَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ , وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْأَبِ مِنْ جِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ , وَلاَ عَلَيْهِ مِنْ جِنَايَةٍ جَنَاهَا وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْمُكَاتَبَةِ شَيْءٌ , وَجِنَايَتُهُ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ لَهُ وَعَلَيْهِ دُونَ أَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَلَوْ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ , وَجِمَاعُ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَاتَبَ هُوَ وَوَلَدُهُ وَإِخْوَتُهُ , أَوْ كَاتَبَ هُوَ وأجنبيون فَسَوَاءٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ دُونَ أَصْحَابِهِ وَلَهُ أَنْ يُعَجِّزَ وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُعَجِّزَهُ إذَا عَجَزَ وَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ وَحْدَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ , وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَدَاءَ فَيَعْتِقَ إذَا كَانَ مِمَّا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ , وَإِذَا كَاتَبَ وَالِدًا وَوَلَدَهُ , أَوْ إخْوَةً فَمَاتَ الْأَبُ , أَوْ الْوَلَدُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَاتَ مَمْلُوكًا , وَأَخَذَ سَيِّدُهُ مَالَهُ وَرُفِعَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْ شُرَكَائِهِ فِيهَا , وَكَذَلِكَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْتِقَ أَيَّهُمْ شَاءَ , وَإِذَا أَعْتَقَهُ رُفِعَتْ عَنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ , وَلَوْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّةُ نَفْسِهِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَاتِبَ عَلَى نَفْسِهِ وَابْنٍ لَهُ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ وَلاَ صَبِيٍّ ; لِأَنَّ هَذِهِ حَمَالَةُ مُكَاتَبٍ , وَحَمَالَتُهُ لاَ تَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ , فَإِنْ كَاتَبَ عَلَى هَذَا فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ@

الصفحة 393