كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

يَلْزَمْ السَّيِّدَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ مَا يَحِلُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْأُرْزُ وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ مِمَّا يَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهِ بِالنَّقْصِ فَمَتَى حَلَّ مِنْ هَذَا شَيْءٌ فَتَأَخَّرَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُعَجِّزْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ , ثُمَّ قَالَ سَيِّدُهُ : لاَ أَقْبِضُهُ ; لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جُبِرَ عَلَى قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ حَالٌّ , وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ قَضَاءً قَالَ : هَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إلَى الْآجَالِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ بَلَغَك فِي أَنْ يَلْزَمَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنْهُ الْكِتَابَةَ إذَا تَطَوَّعَ بِهَا الْمُكَاتَبُ قَبْلَ مَحَلِّهَا ؟ قِيلَ : نَعَمْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ مُكَاتَبًا لِأَنَسٍ جَاءَهُ فَقَالَ إنِّي أَتَيْت بِمُكَاتَبَتِي إلَى أَنَسٍ فَأَبَى يَقْبَلَهَا فَقَالَ : إنَّ أَنَسًا يُرِيدُ الْمِيرَاثَ , ثُمَّ أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَقْبَلَهَا أَحْسِبُهُ قَالَ فَأَبَى فَقَالَ : آخُذُهَا فَأَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَبِلَهَا أَنَسٌ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ رَوَى شَبِيهًا بِهَذَا عَنْ بَعْضِ الْوُلاَةِ وَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ .
وَالْمُكَاتَبُ الصَّحِيحُ وَالْمَعْتُوهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ , ثُمَّ عَتَقَ جُبِرَ وَلِيُّهُ عَلَى أَخْذِ مَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ نُجْبِرُ وَرَثَةَ السَّيِّدِ الْبَالِغِينَ عَلَى مَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ , وَأَوْلِيَاءُ الْمَحْجُورِينَ عَلَى ذَلِكَ .
وَإِذَا تَدَاوَلَ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَجْمَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يُعَجِّزْهُ السَّيِّدُ , ثُمَّ قَالَ : أَنَا أُعَجِّزُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يُقَالَ لِلْمُكَاتَبِ : أَدِّ جَمِيعَ مَا حَلَّ عَلَيْك قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ , وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ فَهُوَ عَاجِزٌ@

الصفحة 401