كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

; لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ , وَإِنَّمَا فَعَلَهُ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ وَعَتَقَ هَذَا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ دُونَ السَّيِّدِ وَبَيْعُ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ يَبْطُلُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا : أَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ غَيْرِ ثَابِتٍ كَدَيْنِ الْحُرِّ أَلاَ تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَعْجِزُ فَلاَ يَلْزَمُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ أَوَلاَ تَرَى أَنَّ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ كِتَابَتِهِ فَقَدْ أَجَازَ غَيْرَ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي , وَلاَ ذِمَّةَ لاَزِمَةٌ لِلْمُكَاتَبِ كَذِمَّةِ الْحُرِّ وَأَنَّهُ إنْ قَالَ إذَا عَجَزَ كَانَ لَهُ دَخْلٌ عَلَيْهِ أَقْبَحُ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ عَلَى مُكَاتَبٍ فَصَارَتْ لَهُ رَقَبَةُ الْمُكَاتَبِ مِلْكًا , وَلَمْ تُبَعْ الرَّقَبَةُ قَطُّ , فَإِنْ قَالَ : فِي عَقْدِ بَيْعِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ : إنْ أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَالْعَبْدُ لَهُ , قِيلَ : هَذَا مُحَالٌ , وَلَوْ كَانَ كَمَا قُلْت كَانَ حَرَامًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بَيْعُ مَا لاَ يَعْلَمُ الْبَائِعُ وَلاَ الْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ هُوَ أَوْ فِي رَقَبَتِهِ أَرَأَيْت رَجُلاً قَالَ : أَبِيعُك دَيْنًا عَلَى حُرٍّ فَإِنْ أَفْلَسَ فَعَبْدِي فُلاَنٌ لَك بَيْعٌ , فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ فَقَدْ أَجَازَ بَيْعَ مَا لَمْ يَعْلَمْ , وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ فَبَيْعُ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ أَوْلَى أَنْ يُرَدَّ لِمَا وَصَفْت وَأَوْلَى أَنْ لاَ يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي بِهَا رَقَبَةَ الْمُكَاتَبِ , وَلَوْ أَجَازَ هَذَا حَاكِمٌ فَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَجَعَلَهُ رَقِيقًا لِلَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ فَأَعْتَقَهُ لَمْ يَكُنْ حُرًّا وَرُدَّ قَضَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ , وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ - .
هِبَةُ الْمُكَاتَبِ وَبَيْعُهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : رحمه الله تعالى وَلاَ يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَبِيعَ مُكَاتَبَهُ وَلاَ يَهَبَهُ حَتَّى يَعْجِزَ فَإِنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ يَعْجِزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ يَخْتَارَ الْعَجْزَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ , وَلَوْ أَعْتَقَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ كَانَ الْعِتْقُ بَاطِلاً ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لاَ يَمْلِكُ , وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ يَعْجِزَ أَوْ يَرْضَى بِالْعَجْزِ , ثُمَّ رَضِيَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْعَجْزِ كَانَ الْبَيْعُ مَفْسُوخًا حَتَّى يُحْدِثَ لَهُ بَيْعًا بَعْدَ رِضَاهُ بِالْعَجْزِ وَإِذَا بَاعَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ الْمُكَاتَبَ قَبْلَ يَعْجِزَ أَوْ يَرْضَى بِالْعَجْزِ , وَأَخَذَ السَّيِّدُ مَالاً لَهُ فُسِخَ الْبَيْعُ وَرُدَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ مَالُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ فَأَخَذَ مَا حَلَّ لَهُ مِنْهُ , وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ , وَمَالُهُ مِنْ رَجُلٍ نَزَعَ مَالَ الْمُكَاتَبِ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ , فَإِنْ فَاتَ الْمَالُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهِ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ , أَوْ بَعْضُهَا , فَإِنْ كَانَتْ حَلَّتْ أَوْ بَعْضُهَا كَانَ قِصَاصًا , وَكَانَ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ ضَمَّنَ الْمُكَاتَبُ أَيَّهُمَا شَاءَ , إنْ شَاءَ الَّذِي امْتَلَكَ مَالَهُ وَإِنْ شَاءَ سَيِّدَهُ@

الصفحة 409