كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

وَلَوْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ عَلَى رَجُلٍ حُرٍّ , وَالْعَبْدُ الْجَانِي صَحِيحٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ , ثُمَّ مَرِضَ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ وَالْجِنَايَةُ قِيمَةُ مِائَةٍ وَأَكْثَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِمِائَةٍ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ حِينَئِذٍ بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَجُزْ الشِّرَاءُ , وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ جَنَى بِمَا إذَا اشْتَرَاهُ بِهِ يَوْمَ يَفْتَكُّهُ جَازَ الشِّرَاءُ , وَبَاعَهُ الْحَاكِمُ فَأَدَّى إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ , وَلاَ شَيْءَ عَلَى الْمُكَاتَبِ غَيْرُ ذَلِكَ , وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُخَالِفٌ لِلْحُرِّ يَجْنِي عَبْدُهُ .
وَلَوْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ يَسْوَى مِائَةَ جِنَايَةٍ قِيمَتُهَا مِائَةٌ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ أَبَقَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِشَيْءٍ , فَإِذَا وُجِدَ فَشَاءَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ يَفْدِيهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِيعَ عَلَيْهِ وَأُدِّيَتْ الْجِنَايَةُ , فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رُدَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَمَا وُهِبَ لِلْمُكَاتَبِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ لَهُ مِلْكُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا مِنْ ذِي رَحِمٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ شِرَاؤُهُ لَهُ ; لِأَنَّ كُلَّ هَؤُلاَءِ مَمْلُوكٌ لَهُ بَيْعُهُ .
وَلَوْ وُهِبَ لِلْمُكَاتَبِ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ لَوْ كَانَ حُرًّا فَجَنَى جِنَايَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِشَيْءٍ , وَإِنْ قَلَّ مِنْ الْجِنَايَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ بِتَامٍّ عَلَيْهِ أَلاَ تَرَى أَنِّي لاَ أَجْعَلُ لَهُ بَيْعَهُ إذَا فَدَاهُ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ , وَهَكَذَا وَلَدٌ لَوْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ وَوَلَدِهِ الْمُكَاتَبَةِ لاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُمْ , وَيُسَلِّمَهُمْ فَيُبَاعَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ , وَمَا بَقِيَ بَقِيَ بِحَالِهِ يَعْتِقُ بِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ , وَلاَ يَفْدِي أَحَدًا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ فَيَجُوزُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ .
وَلَوْ أَنَّ بَعْضَ مَنْ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعُهُ جَنَى عَلَى السَّيِّدِ أَوْ عَلَى مَالِ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْدِيَهُ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّينَ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ هُوَ وَالسَّيِّدُ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَفْدِيَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَهُ , وَإِنْ لَمْ يَرْضَ السَّيِّدُ بِيعَ مِنْ الْجَانِي بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ , وَأَقَرَّ مَا بَقِيَ بِحَالِهِ حَتَّى يَعْتِقَ بِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ أَوْ يَرِقَّ بِرِقِّهِ .
وَإِذَا جَنَى بَعْضُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُكَاتَبِ عَلَى بَعْضٍ عَمْدًا فَلَهُ الْقَتْلُ , فَإِنْ جَنَى مَنْ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعُهُ عَلَى رَقِيقِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ وَأَنْ يَعْفُوَ , وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَلَهُ الْقَوَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي جَنَى وَالِدًا لِلْمُكَاتَبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَالِدَهُ بِرَقِيقِهِ , وَهُوَ لاَ يُقْتَلُ بِهِ لَوْ قَتَلَهُ .@

الصفحة 415