كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)
لاَ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهَا بِحَالٍ , وَإِنْ أَزْمَنَتْهُ فَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ الْعَمَلِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي , وَهُوَ زَمِنٌ وَلاَ يَكُونُ لِمَوْلاَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ يُؤَدِّيَ فَتَكُونَ الْجِنَايَةُ كُلُّهَا لِمَوْلاَهُ ; لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا
جِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَالسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : كُلُّ جِنَايَةٍ جَنَاهَا السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ لاَ تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ فَهِيَ كَجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ عَلَيْهِ يَأْخُذُهَا الْمُكَاتَبُ مِنْهُ كُلَّهَا كَمَا يَأْخُذُهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَالٌّ مِنْ كِتَابَتِهِ فَيُقَاصُّهُ بِهَا السَّيِّدُ وَلَكِنْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ , وَمَاتَ عَبْدًا إنْ مَاتَ قَبْلَ يُؤَدِّيَ , وَلَمْ يَتْبَعْ السَّيِّدَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى عَبْدِهِ إنْ لَمْ يَعْتِقْ .
وَلَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ فَقَطَعَ يَدَهُ فَسَأَلَ الْمُكَاتَبُ الْوَالِيَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَأ نَظَرَ مَا يُصِيبُهُ بِأَدَاءِ الْجِنَايَةِ , فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ بِهِ قَالَ إنْ جَعَلْته قِصَاصًا بِمَا عَلَيْك وَكَانَتْ كِتَابَتُك كَمَا وَجَبَ لَك أُعْتِقُكَ وَأَخَذْت مِنْهُ فَضْلاً إنْ كَانَ لَك , فَإِنْ اخْتَارَ ذَلِكَ , ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ ضَمِنَ السَّيِّدُ مِنْ دِيَتِهِ حَيًّا مَا ضَمِنَ هُوَ لَوْ جَنَى عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَيَعْتِقُ قَبْلَ يَمُوتَ , ثُمَّ مَاتَ وَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ , وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا ; لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ , وَلاَ قِصَاصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ ; لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا فَإِذَا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ فَجَنَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ جِنَايَةً يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا , وَالْكِتَابَةُ حَالَّةٌ فَشَاءَ أَنْ تَكُونَ قِصَاصًا فَهِيَ قِصَاصٌ أَيُّهُمَا شَاءَ , وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ غَيْرَ حَالَّةٍ لَمْ تَكُنْ قِصَاصًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ دُونَ سَيِّدِهِ .
وَإِنْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ جِنَايَةً لاَ يَجِبُ لَهُ بِهَا مَا يَعْتِقُ بِهِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ عَجِّلُوا بِهَا قَبْلَ بُرْءِ الْجِنَايَةِ أَعْطَيْنَاهُ جَمِيعَ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ تُجَاوِزُ ثَمَنَهُ لَوْ مَاتَ فَإِذَا جَاوَزَتْ ثَمَنَهُ لَوْ مَاتَ لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا حَتَّى يَبْرَأَ فَيُوَفِّيَهُ إيَّاهَا ; لِأَنَّا لاَ نَدْرِي لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَتَنْتَقِضُ الْجِنَايَةُ عَنْ سَيِّدِهِ .
وَإِذَا جَنَى ابْنُ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَنْ عَدَا سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَجِنَايَتُهُ عَلَيْهِ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ لاَ تَخْتَلِفُ بِحَالٍ , وَلاَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَعْفُوَهَا إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ يَسْتَوْفِيَهَا فَيَكُونَ لَهُ حِينَئِذٍ عَفْوُهَا ; لِأَنَّهَا صَارَتْ لَهُ @
الصفحة 417