كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

فَإِذَا رَضِيَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَوْ الْمُكَاتَبُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ فَلَهَا وَلَهُ إبْطَالُهَا كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ إبْطَالُهُ وَكَمَا يُقَالُ لِلْعَبْدِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَرَكَ دُخُولَهَا وَيُقَالُ لَهُ : إنْ تَكَلَّمْت بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَرَك أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ فَلاَ يَعْتِقُ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَلاَ تَرَى أَنَّ بَرِيرَةَ تَسْتَعِينُ فِي الْكِتَابَةِ وَتَعْرِضُ عَلَيْهَا عَائِشَةُ الشِّرَاءَ أَوْ الْعِتْقَ وَتَذْهَبُ بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِهَا بِمَا عَرَضَتْ عَائِشَةُ وَتَرْجِعُ إلَى عَائِشَةَ بِمَا عَرَضَ أَهْلُهَا وَتَشْتَرِيهَا عَائِشَةُ فَتُعْتِقُهَا بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكُلُّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ رِضَا بَرِيرَةَ بِتَرْكِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْعَجْزِ فَمَتَى قَالَ الْمُكَاتَبُ قَدْ عَجَزْت أَوْ أَبْطَلْت الْكِتَابَةَ فَذَلِكَ إلَيْهِ عُلِمَ لَهُ مَالٌ أَوْ قُوَّةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ وَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ : لاَ أَرْضَى بِعَجْزِهِ قِيلَ ذَلِكَ لَهُ وَإِلَيْهِ : دُونَك فَهُوَ لَك مَمْلُوكٌ فَخُذْ مَالَك حَيْثُ كَانَ وَاسْتَخْدِمْهُ وَأَجِّرْهُ فَخُذْ فَضْلَ قُوتِهِ وَحِرْفَتِهِ وَمَالِهِ خَيْرٌ مِنْ أَدَاءِ نُجُومِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَبْدَانِ أَوْ عَبِيدٌ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَجَّزَ أَحَدُهُمْ نَفْسَهُ أَوْ رَضِيَ بِتَرْكِ الْكِتَابَةِ خَرَجَ مِنْهَا وَرُفِعَتْ عَمَّنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ حِصَّتُهُ كَمَا تُرْفَعُ لَوْ مَاتَ أَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَسَوَاءٌ عَجَّزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ أَوْ قَبْلَهُ مَتَى عَجَّزَ نَفْسَهُ فَهُوَ عَاجِزٌ وَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَأَبْطَلَ الْكِتَابَةَ , ثُمَّ قَالَ أَعُودُ عَلَى الْكِتَابَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِتَجْدِيدِ كِتَابَةٍ وَتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ عِنْدَ سَيِّدِهِ وَفِي غَيْبَةِ سَيِّدِهِ سَوَاءٌ وَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَأَبْطَلَ الْكِتَابَةَ ثُمَّ أَدَّى إلَى سَيِّدِهِ فَعَتَقَ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ , ثُمَّ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ رَضِيَ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ كَانَ مَمْلُوكًا وَمَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْهُ حَلاَلٌ لَهُ وَإِنْ أُحَبَّ أَنْ أُحَلِّفَ لَهُ سَيِّدَهُ مَا جَدَّدَ كِتَابَةً كَانَ ذَلِكَ لَهُ , وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَدَفَعَ إلَى سَيِّدِهِ آخِرَ نُجُومِهِ وَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَلاَ عِلْمَ لَهُ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ وَلاَ رِضَاهُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ كَانَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَعَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كُلِّهَا لاَ نَحْسِبُ لَهُ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَأَعْتَقَهُ بِسَبَبِ كِتَابَتِهِ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ .
عَجْزُ الْمُكَاتَبِ بِلاَ رِضَاهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : وَإِذَا رَضِيَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ بِالْمُكَاتَبَةِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ@

الصفحة 426