كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

أَحَدُهُمَا أَبَانَ فِيهِ كَيْفَ فَرَضَ بَعْضَهَا حَتَّى اسْتَغْنَى فِيهِ بِالتَّنْزِيلِ عَنْ التَّأْوِيلِ وَعَنْ الْخَبَرِ , وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَحْكَمَ فَرْضَهُ بِكِتَابِهِ وَبَيَّنَ كَيْفَ هِيَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَثْبَتَ فَرْضَ مَا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ? وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ? وَبِقَوْلِهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ : ? فَلاَ وَرَبِّك لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ? إلَى تَسْلِيمًا وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ? مَعَ غَيْرِ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَمَنْ قَبِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبِفَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبِلَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى فَالْفَرَائِضُ تَجْتَمِعُ فِي أَنَّهَا ثَابِتَةٌ عَلَى مَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ , ثُمَّ تَفَرَّقَتْ شَرَائِعُهَا بِمَا فَرَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ رَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم - فَنُفَرِّقُ بَيْنَ مَا فُرِّقَ مِنْهَا وَنَجْمَعُ بَيْنَ مَا جُمِعَ مِنْهَا فَلاَ يُقَاسُ فَرْعُ شَرِيعَةٍ عَلَى غَيْرِهَا وَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ الشَّرَائِعِ الصَّلاَةُ فَنَحْنُ نَجِدُهَا ثَابِتَةً عَلَى الْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ سَاقِطَةً عَنْ الْحُيَّضِ أَيَّامَ حَيْضِهِنَّ , ثُمَّ نَجِدُ الْفَرِيضَةَ مِنْهَا وَالنَّافِلَةَ مُجْتَمَعَتَيْنِ فِي أَنْ لاَ يَجُوزَ الدُّخُولُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا بِطَهَارَةِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ مَا كَانَ مَوْجُودًا أَوْ التَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ مَعْدُومًا وَفِي الْحَضَرِ أَوْ كَانَ الْمَرْءُ مَرِيضًا لاَ يُطِيقُ الْوُضُوءَ لِخَوْفِ تَلَفٍ فِي الْعُضْوِ أَوْ زِيَادَةٍ فِي الْعِلَّةِ وَنَجِدُهُمَا مُجْتَمَعَتَيْنِ فِي أَنْ لاَ يُصَلَّيَا مَعًا إلَّا مُتَوَجِّهَيْنِ إلَى الْكَعْبَةِ مَا كَانَا فِي الْحَضَرِ وَنَازِلَيْنِ بِالْأَرْضِ وَنَجِدُهُمَا وَإِذَا كَانَا مُسَافِرَيْنِ تَفْتَرِقُ حَالُهُمَا فَيَكُونُ لِلْمُصَلِّي تَطَوُّعًا إنْ كَانَ رَاكِبًا أَنْ يَتَوَجَّهَ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ يُومِئُ إيمَاءً وَلاَ نَجِدُ ذَلِكَ لِلْمُصَلِّي فَرِيضَةً بِحَالٍ أَبَدًا إلَّا فِي@

الصفحة 43