كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

أَوْ خَالَفَتْهَا وَإِنَّمَا جَزَاهُمْ بِالسَّرَائِرِ فَأَحْبَطَ عَمَلَ كُلِّ مَنْ كَفَرَ بِهِ , ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَنْ فُتِنَ عَنْ دِينِهِ : ? إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ? فَطَرَحَ عَنْهُمْ حُبُوطَ أَعْمَالِهِمْ وَالْمَأْثَمَ بِالْكُفْرِ إذَا كَانُوا مُكْرَهِينَ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ بِالْإِيمَانِ وَخِلاَفِ الْكُفْرِ وَأَمَرَ بِقِتَالِ الْكَافِرِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَأَبَانَ ذَلِكَ جَلَّ وَعَزَّ حَتَّى يُظْهِرُوا الْإِيمَانَ , ثُمَّ أَوْجَبَ لِلْمُنَافِقِينَ إذَا أَسَرُّوا نَارَ جَهَنَّمَ فَقَالَ : ? إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ ? وَقَالَ : ? إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّك لَرَسُولُ اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ إنَّك لَرَسُولُهُ وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ? يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنْ الْقَتْلِ فَمَنَعَهُمْ مِنْ الْقَتْلِ وَلَمْ يُزِلْ عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا أَحْكَامَ الْإِيمَانِ مِمَّا أَظْهَرُوا مِنْهُ وَأَوْجَبَ لَهُمْ الدَّرْكَ الْأَسْفَلَ مِنْ النَّارِ لِعِلْمِهِ بِسَرَائِرِهِمْ وَخِلاَفِهَا لِعَلاَنِيَتِهِمْ بِالْإِيمَانِ فَأَعْلَمَ عِبَادَهُ مَعَ مَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُجَّةِ بِأَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ إنَّ عِلْمَهُ بِالسِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ وَاحِدٌ فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : ? وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ? وَقَالَ عَزَّ وَعَلاَ : ? يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ? مَعَ آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ الْكِتَابِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَعَرَّفَ جَمِيعَ خَلْقِهِ فِي كِتَابِهِ أَنْ لاَ عِلْمَ إلَّا مَا عَلَّمَهُمْ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ? وَاَللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا ? وَقَالَ : ? وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلَّا بِمَا شَاءَ ?
قَالَ الشَّافِعِيُّ : , ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَأَمَرَهُمْ بِالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَأَنْ لاَ يَتَوَلَّوْا غَيْرَهُ إلَّا بِمَا عَلَّمَهُمْ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - : ? , وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْك رُوحًا@

الصفحة 58