كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ , ثُمَّ رَسُولُهُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ سَرَائِرَهُمْ فِي صِدْقِهِمْ بِالْإِسْلاَمِ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ : ? إذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ? ( قَرَأَ الرَّبِيعُ ) إلَى قَوْلِهِ : ? فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ ? يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِصِدْقِهِنَّ بِإِيمَانِهِنَّ قَالَ : ? , فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ? يَعْنِي مَا أَمَرَتْكُمْ أَنْ تَحْكُمُوا بِهِ فِيهِنَّ إذَا أَظْهَرْنَ الْإِيمَانَ لِأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مِنْ صِدْقِهِنَّ بِالْإِيمَانِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ فَاحْكُمُوا لَهُنَّ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ فِي أَنْ لاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ : ? لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ?
قَالَ الشَّافِعِيُّ : , ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى قَوْمٍ يُظْهِرُونَ الْإِسْلاَمَ وَيُسِرُّونَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِخِلاَفِ حُكْمِ الْإِسْلاَمِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا بِخِلاَفِ مَا أَظْهَرُوا فَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - : ? قَالَتْ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ? الآيَةَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَسْلَمْنَا يَعْنِي أَسْلَمْنَا بِالْقَوْلِ بِالْإِيمَانِ مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَالسِّبَاءِ , ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ إنْ أَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْنِي إنْ أَحْدَثُوا طَاعَةَ رَسُولِهِ وَقَالَ لَهُ فِي الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ صِنْفٌ ثَانٍ : ? إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ ? إلَى : ? اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ? يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَيْمَانَهُمْ بِمَا يُسْمَعُ مِنْهُمْ مِنْ الشِّرْكِ بَعْدَ إظْهَارِ الْإِيمَانِ جُنَّةً مِنْ الْقَتْلِ وَقَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ : ? سَيَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ ? الآيَةَ. فَأَمَرَ بِقَبُولِ مَا أَظْهَرُوا وَلَمْ يَجْعَلْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ خِلاَفَ حُكْمِ الْإِيمَانِ , وَكَذَلِكَ حُكْمُ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ @

الصفحة 60