كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

نَزَلَ دَعَاهُمَا فَلاَعَنَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ : ? أَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ? وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ? يَا دَاوُد إنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ? الآيَةَ. . وَلَيْسَ يُؤْمَرُ أَحَدٌ أَنْ يَحْكُمَ بِحَقٍّ إلَّا وَقَدْ عَلِمَ الْحَقَّ وَلاَ يَكُونُ الْحَقُّ مَعْلُومًا إلَّا عَنْ اللَّهِ نَصًّا أَوْ دَلاَلَةً مِنْ اللَّهِ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهَ الْحَقَّ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَيْسَ تَنْزِلُ بِأَحَدٍ نَازِلَةٌ إلَّا وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَيْهَا نَصًّا أَوْ جُمْلَةً , فَإِنْ قَالَ وَمَا النَّصُّ وَالْجُمْلَةُ ؟ قِيلَ النَّصُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَأَحَلَّ نَصًّا حَرَّمَ الْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالاَتِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُنَّ وَأَبَاحَ مَنْ سِوَاهُنَّ وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَأَمَرَ بِالْوُضُوءِ فَقَالَ : ? اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ? الآيَةَ. فَكَانَ مُكْتَفًى بِالتَّنْزِيلِ فِي هَذَا عَنْ الِاسْتِدْلاَلِ فِيمَا نَزَلَ فِيهِ مَعَ أَشْبَاهٍ لَهُ , فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْجُمْلَةُ ؟ قِيلَ مَا فَرَضَ اللَّهُ مِنْ صَلاَةٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ فَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ الصَّلاَةُ وَعَدَدَهَا وَوَقْتَهَا وَالْعَمَلَ فِيهَا وَكَيْفَ الزَّكَاةُ وَفِي أَيِّ الْمَالِ هِيَ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ هِيَ وَكَمْ قَدْرُهَا وَبَيَّنَ كَيْفَ الْحَجُّ وَالْعَمَلَ فِيهِ وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ وَمَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : : فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يُقَالُ لِهَذَا كَمَا قِيلَ لِلْأَوَّلِ قُبِلَ عَنْ اللَّهِ ؟ قِيلَ نَعَمْ , فَإِنْ قِيلَ فَمِنْ أَيْنَ قِيلَ ؟ قُبِلَ عَنْ اللَّهِ لِكَلاَمِهِ جُمْلَةً وَقَبْلَ تَفْسِيرِهِ عَنْ اللَّهِ بِأَنَّ اللَّهَ فَرَضَ طَاعَةَ نَبِيِّهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ? وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ? وَقَالَ : ? مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ? مَعَ مَا فَرَضَ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِهِ , فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا مَقْبُولٌ عَنْ اللَّهِ كَمَا وَصَفْت فَهَلْ سُنَّةُ @

الصفحة 69