كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

. قِيلَ لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَخَّصَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ وَالْآدَابِ فِي أَنْ يُفْتِيَ وَلاَ يَحْكُمَ بِرَأْيِ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِاَلَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ أُمُورُ الْقِيَاسِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْعَقْلِ لِتَفْصِيلِ الْمُشْتَبَهِ فَإِذَا زَعَمُوا هَذَا قِيلَ لَهُمْ وَلِمَ لَمْ يَجُزْ لِأَهْلِ الْعُقُولِ الَّتِي تَفُوقُ كَثِيرًا مِنْ عُقُولِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْفُتْيَا أَنْ يَقُولُوا فِيمَا قَدْ نَزَلَ مِمَّا يَعْلَمُونَهُ مَعًا أَنْ لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلاَ سُنَّةٌ وَلاَ إجْمَاعٌ وَهُمْ أَوْفَرُ عُقُولاً وَأَحْسَنُ إبَانَةً لِمَا قَالُوا مِنْ عَامَّتِكُمْ ؟ , فَإِنْ قُلْتُمْ لِأَنَّهُمْ لاَ عِلْمَ لَهُمْ بِالْأُصُولِ قِيلَ لَكُمْ فَمَا حُجَّتُكُمْ فِي عِلْمِكُمْ بِالْأُصُولِ إذَا قُلْتُمْ بِلاَ أَصْلٍ وَلاَ قِيَاسٍ عَلَى أَصْلٍ ؟ هَلْ خِفْتُمْ عَلَى أَهْلِ الْعُقُولِ الْجَهَلَةِ بِالْأُصُولِ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ الْأُصُولَ فَلاَ يُحْسِنُونَ أَنْ يَقِيسُوا بِمَا لاَ يَعْرِفُونَ وَهَلْ أَكْسَبَكُمْ عِلْمُكُمْ بِالْأُصُولِ الْقِيَاسَ عَلَيْهِمْ أَوْ أَجَازَ لَكُمْ تَرْكَهَا ؟ فَإِذَا جَازَ لَكُمْ تَرْكَهَا جَازَ لَهُمْ الْقَوْلُ مَعَكُمْ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُخَالِفُ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا أَوْ الْخَطَأِ , ثُمَّ لاَ أَعْلَمُهُمْ إلَّا أَحْمَدَ عَلَى الصَّوَابِ إنْ قَالُوا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ مِنْكُمْ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يُحْمَدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مِثَالاً فَتَرَكُوهُ وَأَعْذُرُ بِالْخَطَأِ مِنْكُمْ وَهُمْ أَخْطَئُوا فِيمَا لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ أَعْلَمُكُمْ إلَّا أَعْظَمَ وِزْرًا مِنْهُمْ أَتَرَكْتُمْ مَا تَعْرِفُونَ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ الَّتِي لاَ تَجْهَلُونَ , فَإِنْ قُلْتُمْ فَنَحْنُ تَرَكْنَا الْقِيَاسَ عَلَى غَيْرِ جَهَالَةٍ بِالْأَصْلِ قِيلَ , فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا فَأَنْتُمْ خَالَفْتُمْ الْحَقَّ عَالِمِينَ بِهِ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ مَا إنْ جَهِلْتُمُوهُ لَمْ تَسْتَأْهِلُوا أَنْ تَقُولُوا فِي الْعِلْمِ وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ وَاسِعًا لَكُمْ تَرْكُ الْقِيَاسِ وَالْقَوْلِ بِمَا سَنَحَ فِي أَوْهَامِكُمْ وَحَضَرَ أَذْهَانَكُمْ وَاسْتَحْسَنَتْهُ مَسَامِعُكُمْ حُجِجْتُمْ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْقُرْآنِ , ثُمَّ@

الصفحة 74