كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

السُّنَّةِ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ مِنْ أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إلَّا بِعِلْمٍ وَمَا لاَ تَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ تَدَاعَى عِنْدَهُ رَجُلاَنِ فِي ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ تَبَايَعَاهُ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ إذَا كَانَ مُشْكِلاً أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَيَسْأَلَهُمْ عَمَّا تَدَاعَيَا فِيهِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ , فَإِنْ تَطَالَبَا قِيمَةَ عَيْبٍ فِيهِ وَقَدْ فَاتَ سَأَلَهُمْ عَنْ قِيمَتِهِ فَلَوْ قَالَ أَفْضَلُهُمْ دِينًا وَعِلْمًا إنِّي جَاهِلٌ بِسُوقِهِ الْيَوْمَ وَإِنْ كُنْت عَالِمًا بِهَا قَبْلَ الْيَوْمِ وَلَكِنِّي أَقُولُ فِيهِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ بِجَهَالَتِهِ بِسُوقِ يَوْمِهِ وَقَبِلَ قَوْلَ مَنْ يَعْرِفُ سُوقَ يَوْمِهِ وَلَوْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُ سُوقَ يَوْمِهِ فَقَالَ إذَا قِسْت هَذَا بِغَيْرِهِ مِمَّا يُبَاعُ وَقَوَّمْته عَلَى مَا مَضَى وَكَانَ عَيْبَهُ دَلَّنِي الْقِيَاسُ عَلَى كَذَا وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ غَيْرَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ اسْتِحْسَانَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُقَالُ إنَّهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ فِي يَوْمِهِ . وَكَذَلِكَ هَذَا فِي امْرَأَةٍ أُصِيبَتْ بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ يُقَالُ كَمْ صَدَاقُ مِثْلِهَا فِي الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالصَّرَاحَةِ وَالشَّبَابِ وَاللُّبِّ وَالْأَدَبِ فَلَوْ قِيلَ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ أَنْ نَزِيدَهَا دِرْهَمًا أَوْ نَنْقُصَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَقَالَ لِلَّذِي يَقُولُ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَزِيدَهَا أَوْ أَنْقُصَهَا لَيْسَ ذَلِكَ لِي وَلاَ لَك وَعَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَإِذَا حَكَمَ بِمِثْلِ هَذَا فِي الْمَالِ الَّذِي نَقَلَ رَزِيَّتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ وَلَمْ يَسَعْ فِيهِ الِاسْتِحْسَانَ وَأَلْزَمَ فِيهِ الْقِيَاسَ وَأَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ وَلَمْ يَجْهَلْ لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ قِيَاسًا فِيهِ لِأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَا يَقِيسُونَ عَلَيْهِ فَحَلاَلُ اللَّهِ وَحَرَامُهُ مِنْ الدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ وَعَظِيمِ الْأُمُورِ أَوْلَى أَنْ يَلْزَمَ الْحُكَّامَ وَالْمُفْتِينَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَفَرَأَيْت إذَا قَالَ الْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي فِي النَّازِلَةِ لَيْسَ فِيهَا نَصُّ خَبَرٍ وَلاَ قِيَاسٍ وَقَالَ أَسْتَحْسِنُ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ جَائِزًا لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَحْسِنَ خِلاَفَهُ فَيَقُولُ كُلُّ حَاكِمٍ@

الصفحة 75