كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 9)

يَسْتَقِيدَ مِنْهُ فِي الْجِرَاحِ إنْ شَاءَ أَوْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ فِي عُنُقِهِ إنْ شَاءَ وَيَدْعُ الْقَوَدَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إنَّ الْمَدَنِيِّينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا إقَادَةَ الْعَبْدِ مِنْ الْحُرِّ لِنَقْصِ نَفْسِ الْعَبْدِ عَنْ نَفْسِ الْحُرِّ وَقَدْ يُقِيدُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الرَّجُلِ وَهِيَ أَنْقَصُ نَفْسًا مِنْهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : وَلاَ أَعْرِفُ مَنْ قَالَ هَذَا لَهُ وَلاَ احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَدَنِيِّينَ إلَّا أَنْ يَقُولَهُ لَهُ مَنْ يَنْسِبُونَهُ إلَى عِلْمٍ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ قَوَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْحُرِّ مَا لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَنَا فِيهِ وَالسَّبَبُ الَّذِي قُلْنَاهُ لَهُ مَعَ الِاتِّبَاعِ أَنَّ الْحُرَّ كَامِلُ الْأَمْرِ فِي أَحْكَامِ الْإِسْلاَمِ وَالْعَبْدَ نَاقِصُ الْأَمْرِ فِي عَامِّ أَحْكَامِ الْإِسْلاَمِ وَفِي الْحُدُودِ فِيمَا يَتَّصِفُ مِنْهَا بِأَنَّ حَدَّهُ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ وَيُقْذَفُ فَلاَ يُحَدُّ لَهُ قَاذِفُهُ وَلاَ يَرِثُ وَلاَ يُورَثُ وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلاَ يَأْخُذُ سَهْمًا إنْ حَضَرَ الْقِتَالَ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَكَامِلَةُ الْأَمْرِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلاَمِ وَحَدُّهَا وَحَدُّ الرَّجُلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوًى وَمِيرَاثُهَا ثَابِتٌ بِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهَا وَشَهَادَتُهَا جَائِزَةٌ حَيْثُ أُجِيزَتْ وَلَيْسَتْ مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ فَلِذَلِكَ لاَ تَأْخُذُ سَهْمًا وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي رَوَى مُحَمَّدٌ عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ الْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ لِنَقْصِ الدِّيَةِ كَانَ الْمَدَنِيُّونَ قَدْ يَجْعَلُونَ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ دِيَاتِ أَحْرَارٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ لاَ يَقْتُلُوا الْعَبْدَ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفَا دِينَارٍ بِحُرٍّ إنَّمَا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ وَلَكِنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ مِنْ مَعْنَى الْقِصَاصِ بِسَبِيلٍ وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا أَرَأَيْت إذَا قَتَلَهُ بِهِ وَأَقَادَ النَّفْسَ الَّتِي هِيَ جِمَاعُ الْبَدَنِ كُلِّهِ مِنْ الْحُرِّ بِنَفْسِ الْعَبْدِ فَكَيْفَ لاَ يَقُصُّهُ مِنْهُ فِي مُوضِحَةٍ إذَا كَانَ الْكُلُّ بِالْكُلِّ فَالْبَعْضُ بِالْبَعْضِ أَوْلَى , فَإِنْ جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُصَّهُ مِنْهُ فِي الْجِرَاحِ وَلاَ يَقُصَّهُ مِنْهُ فِي النَّفْسِ , ثُمَّ جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبَعِّضَ الْجِرَاحَ فَيَقُصَّهُ فِي بَعْضِهَا وَلاَ يَقُصَّهُ فِي بَعْضٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْقِصَاصَ@

الصفحة 96