كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فَعَدَلَكَ (٧)} [الانفطار: ٦, ٧] , وفي قوله - عزَّ وجلَّ -: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩]- إيذانًا بدخول البدن في لفظ "النَّفْس"، كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف: ١٨٩] وقوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: ٦١]. {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] , {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: ١٢] ونظائره، وباجتماع "الرُّوح" مع البدن تفسير "النَّفْس" فاجرةً أو تقيةً، وإلا فـ "الرُّوح" بدون البدن لا فجور لها.
وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)}؛ الضمير المرفوع في {زَكَّاهَا (٩)} عائدٌ على (¬١) "مَنْ"، وكذلك هو في {دَسَّاهَا (١٠)}، والمعنى قد أفلح من زكَّى نفسه، وقد خاب من دَسَّاها.
هذا هو القول الصحيح (¬٢)، وهو نظير قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} [الأعلى: ١٤] , وهو - سبحانه - إذا ذكر الفلاح علَّقَهُ بفعل المُفْلِح، كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ١ - ٢] إلى آخر الآيات، وقوله: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)} [البقرة: ٥] بعد قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: ٣] , وقوله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٥١] ونظائره.
قال الحسن: "قد أفلح من زكَّى نفسه وحملها على طاعة الله، وقد
---------------
(¬١) بعدها في (ز) زيادة: المؤمنين، ولا مكان لها.
(¬٢) وانظر: "إغاثة اللهفان" (١/ ١٠٩).

الصفحة 29