كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

- صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ بريءٌ من المشركين ورسولُهُ، وأنْ لا يَحُجَّ بعدَ العام مُشْركٌ، ولا يطوفَ بالبيتِ عُرْيَان" (¬١) . ولا خلاف أنَّ المؤذِّنَ أذَّنَ بذلك في يوم النَّحْر، لا في يوم عرفة، وذلك بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، امتثالًا وتأويلًا للقرآن.
وعلى هذا قد تضمَّنَ القَسَمُ: المناسِكَ، والصلوات، وهما المختصَّان بعبادة الله، والخضوع له، والتواضع لعظمته، ولهذا قال الخليل عليه السلام: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) } [الأنعام: ١٦٢] , وقيل لخاتم الرُّسُل - صلى الله عليه وسلم -: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢ )} [الكوثر: ٢] , بخلاف حال المشركين المتكبِّرين الذين لا يعبدون الله وحده، بل يشركون به، ويستكبرون عن عبادته، كحال من ذُكِر في هذه السورة من قوم عاد، وثمود، وفرعون.
وذكر - سبحانه - من جملة هذه الأقسام: الشَّفْع، والوتر؛ إذ هذه الشعائرُ المعظَّمَةُ منها شَفْعٌ، ومنها وِتْرٌ؛ في: الأمكنةِ، والأزمنةِ، والأعمالِ.
فـ "الصَّفَا" و"المَرْوَة" شَفْعٌ، و"البيت" وترٌ، و"الجمرات" وترٌ، و"مِنَى" و"مزدلفة" شَفْعٌ، و"عرفة" وترٌ.
---------------
= عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر بين الجمرات في الحَجَّة التي حجَّ، فقال: "أيُّ يومٍ هذا؟ قالوا: يوم النحر، قال: هذا يوم الحجِّ الأكبر".
وانظر: "تغليق التعليق" (٣/ ١٠٤ - ١٠٥).
(¬١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٣٦٢، ١٥٤٣، ٣٠٠٦، ٤١٠٥، ٤٣٧٨ - ٤٣٨٠)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٣٤٧)، بألفاظ متعددة.

الصفحة 43