كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فهو - سبحانه - يذكر جوابَ القَسَم تارةً - وهو الغالب -، وتارةً يحذفه، كما يحذف جواب "لو" كثيرًا، كقوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥)} [التكاثر: ٥] وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد: ٣١]، {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ} [الأنفال: ٥٠]، {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [سبأ: ٥١]، {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: ٣٠].
ومثل هذا حذفه من أحسن الكلام؛ لأنَّ المراد: "أنَّك لو رأيتَ ذلك لرأيت (¬١) هَولًا عظيمًا"، فليس في ذكر الجواب زيادةٌ على ما دلَّ (¬٢) عليه الشَّرطُ.
وهذه (¬٣) عادةُ النَّاس في كلامهم، إذا رَأَوا أمورًا عجيبةً وأرادوا أن يُخبروا بها لغائبٍ عنها؛ يقول أحدُهم: لو رأيتَ ما جرى يوم كذا (¬٤) بموضع كذا.
ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (١٦٥)} [البقرة: ١٦٥]، فالمعنى - في أظهر الوجهين -: لو يَرى الذين ظلموا في الدنيا إذ يرون العذاب في الآخرة، والجواب محذوف (¬٥). ثُمَّ قال بعد ذلك: {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}. كما
---------------
(¬١) "ذلك لرأيت" أصابه طمس في (ن).
(¬٢) من أول قوله: "اعلم أن الله - سبحانه - يقسم بأمور. . ." إلى هنا؛ هذه القطعة موجودة في "مجموع الفتاوى" (١٣/ ٣١٤ - ٣١٦) بالنص، ثم يُبتر الكلام.
(¬٣) "عليه الشرط. وهذه" أصابه طمس في (ن).
(¬٤) "يوم كذا" ألحقت بهامش (ز).
(¬٥) انظر: "الصواعق المرسلة" (٣/ ١٠٨١)، و"الدر المصون" للسمين الحلبي =

الصفحة 6