كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

واختُلِفَ في هذه "العقبةُ"، هل هي في الدنيا أو في الآخرة (¬١) ؟
فقالت طائفةٌ: "العقبة" ها هنا مَثَلًا ضربَهُ اللهُ - تعالى - لمجاهدة النَّفْس والشيطان في أعمال البِرِّ. وحَكَوا ذلك عن: الحسن، ومقاتل.
قال الحسن: "عقبةٌ - واللهِ - شديدةٌ: مجاهدة الإنسان نفسَهُ، وهواهُ، وعدوَّهُ، والشيطانَ".
وقال مقاتل: "هذا مَثَلٌ ضربه الله" (¬٢) ؛ يريد أنَّ المعتِقَ رقبةً، والمُطْعِمَ اليتيمَ والمسكينَ، يُقَاحِمُ نفسَهُ وشيطانَهُ، مثل مَنْ يتكلَّف صعود العقبة، فشبَّهَ المعتِق رقبةً في شدَّته عليه بالمكلَّفِ صعودَ العقبة. وهذا قول أبي عبيدة (¬٣) .
وقالت طائفةٌ: بل هي عقبةٌ حقيقةً، يصعدها النَّاس (¬٤) .
قال عطاء: "هي عقبة جهنَّم".
وقال الكلبي: "هي عقبةٌ بين الجنَّة والنَّار". وهذا لعلَّه قول مقاتل (¬٥) : "إنَّها عقبة جهنَّم".
وقال مجاهد، والضحَّاك: "هي "الصِّرَاطُ"، يُضْرَبُ على جهنَّم".
---------------
(¬١) على سبعة أقوال، مردُّها إلى ما ذكره المؤلف هنا، وانظر: "زاد المسير" (٨/ ٢٥٤)، و"النكت والعيون" للماوردي (٦/ ٢٧٨).
(¬٢) "تفسير مقاتل" (٣/ ٤٨٦).
(¬٣) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٢٩٩).
(¬٤) في (ن): يصعد إليها الناس.
(¬٥) هذا سبق قلم، والمقصود: عطاء. وقد سبق للمؤلِّف ذكر قول مقاتل بأنه "مَثَلٌ ضربه الله" كما هو في تفسيره.

الصفحة 67