كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ونظير هذا بعينه في التوراة التي أنزلها الله على كليمه (¬١) موسى: "جاءَ اللهُ من طُور سيناء، وأَشْرَقَ من سَاعِير، واسْتَعْلَنَ من جبالِ فَارَان" (¬٢) .
فمجيئه من "طور سيناء" بَعْثُهُ لموسى بن عِمْرَان، وبدأ به على حكم الترتيب الواقع. ثُمَّ ثنَّى بنبوَّة المسيح، ثُمَّ ختم بنبوَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
وجعل نبوَّةَ موسى بمنزلة مجيء الصُّبْح، ونبوَّةَ المسيح بعده بمنزلة طلوع الشمس وإشراقها، ونبوَّةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بعدهما (¬٣) بمنزلة استعلائها وظهورها للعالَم.
ولمَّا كان الغالب على بني إسرائيل حكم الحِسِّ؛ ذكَرَ ذلك مطابقًا للواقع (¬٤) ، ولمَّا كان الغالب على الأُمَّةِ الكاملة حُكْم العقل؛ ذكرها على الترتيب العقلي، وأقسَمَ بها على بداية الإنسان ونهايته؛ فقال: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ( ٤)} [التين: ٤]؛ أي: في أحسن صورةٍ وشَكْلٍ واعتدالٍ، مُعْتَدِلَ القامة، مستويَ الخِلْقة (¬٥) ، كاملَ الصورة، أحسنَ من كل حيوانٍ سواه.
والتقويم: تصيير الشيء على ما ينبغي أن يكون في التأليف
---------------
(¬١) من (ح) و (م).
(¬٢) ذكره وشرحه شيخ الإسلام في "الجواب الصحيح" (٥/ ١٩٩) فما بعده، ونقل بعضه ابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٤٣٤)، والقاسمي في "محاسن التأويل" (٧/ ٣٤٨ - ٣٥١).
(¬٣) في (ز) و (ن): بعدها.
(¬٤) من قوله: "ولما كان الغالب. . ." إلى هنا؛ ساقط من (ز).
(¬٥) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: الخلق.

الصفحة 72