كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

والتعديل، وذلك صنعتُه - تبارك وتعالى - في قبضةٍ من ترابٍ، وصُنْعُهُ بالمشاهدة في نطفةٍ من ماءٍ. وذلك من أعظم الآيات الدالَّة على وجوده (¬١)، وقدرته، وحكمته، وعلمه، وصفات كماله، ولهذا يكرِّرها كثيرًا في القرآن (¬٢) لمكان العبرة بها، والاستدلال بأقرب الطرق على وحدانيته، وعلى المبدأ والمَعَاد.
وتضمَّنَ إقسامُهُ بتلك الأمكنة الثلاثة الدالَّة عليه، وعلى علمه وحكمته = عنايته (¬٣) بخلقه؛ بأن أرسل منها رسلًا أنزل عليهم كتبه، ويُعرِّفون العباد بربِّهم، وحقوقه عليهمْ، وينذرونهم بأْسَهُ ونقمته، ويدعونهم إلى كرامته وثوابه.
ثُمَّ لمَّا كان النَّاس في إجابة هذه الدعوة فريقين: منهم من أجابَ، ومنهم من أَبى = ذكر حال الفريقين، فذكر حال الأكثرين، وهم المردودون إلى أسفل سافلين.
والصحيح أنَّه النَّار، قاله: مجاهد، والحسن، وأبو العالية.
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "هي النَّار بعضها أسفل من بعض" (¬٤).
وقالت طائفةٌ منهم: قتادة، وعكرمة، وعطاء، والكلبي،
---------------
(¬١) من (ح) و (م)، وفي غيرهما: وجود قدرته.
(¬٢) في (ن): "في القرآن كثيرًا".
(¬٣) في جميع النسخ: وعنايته، بإثبات واو العطف، وحذفها أصح.
(¬٤) وهذا القول انتصر له شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٢٧٩ - ٢٨٢)، واختاره ابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٤٣٥).

الصفحة 73