كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وإبراهيم: إنَّه أرذل العمر، وهو مرويٌّ عن ابن عباس (¬١).
والصواب القول الأوَّل لوجوه:
أحدها (¬٢): أنَّ أرذل العمر لا يسمَّى: أسفل سافلين، لا في لغةٍ، ولا عرفٍ، وإنَّما "أسفل سافلين" هو "سِجِّين" الذي هو مكان الفُجَّار، كما أنَّ "عِلِّيين" مكان الأبرار (¬٣).
الثاني: أنَّ المردودين إلى أرذلِ العمر بالنسبة إلى نوع الإنسان قليلٌ جدًّا، فأكثرهم يموت ولا يُرَدُّ إلى أرذل العمر.
الثالث: أنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستوون هم وغيرهم في رَدِّ مَنْ طَالَ عُمُره إلى أرذل العمر، فليس ذلك مختصًّا بالكفار حتَّى يستثني منهم المؤمنين.
الرابع: أنَّ الله - سبحانه - لمَّا أراد ذلك (¬٤) لم يَخُصَّهُ بالكفار، بل جعله لجنس بني آدم، فقال تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [الحج: ٥] فجعلهم قسمين: قسمًا يتوفَّى قبل الكِبَر، وقسمًا مردودًا إلى أرذل العمر، ولم يسمِّه "أسفل سافلين".
الخامس: أنَّه لا تَحْسُنُ المقابلة بين أرذل العمر وبين أجر
---------------
(¬١) وهو اختيار ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١٢/ ٦٣٨)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (١٥/ ٥٠٤).
(¬٢) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: منها.
(¬٣) انظر: "الروح" (١/ ٤١٦).
(¬٤) ساقط من (ز).

الصفحة 74