كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقال قتادة: "الضمير للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -" (¬١). واختاره الفرَّاء (¬٢).
وهذا موضعٌ يحتاج إلى شرحٍ وبيانٍ:
يقال: كَذَبَ الرجلُ، إذا قال الكَذِب. وكذَّبْتَهُ: إذا نَسَبْته إلى الكَذِب، ولو اعتقدتَ صدْقَهُ. وكَذَبْتَهُ: إذا اعتقدتَ كَذِبَه، وإن كان صادقًا.
قال تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [فاطر: ٤]، وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} [الأنعام: ٣٣].
فالأوَّل بمعنى: وإنْ ينسبُوك إلى الكذب.
والثاني بمعنى: لا يعتقدون أنَّك كاذِبٌ، ولكنَّهم يعاندون، ويدفعون الحقَّ بعد معرفته؛ جحودًا وعنادًا.
هذا أصل هذه اللفظة.
ويتعدَّى الفعل إلى المُخْبِر (¬٣) بنفسه، وإلى خبره بـ "الباء"، أو بـ "في". فيقال: كذَّبْتُه بكذا، وكذَّبْتُه فيه، والأوَّل أكثر استعمالًا، ومنه قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [ق: ٥]، وقوله:
---------------
= "تفسيره" (١٠/ رقم ١٩٤١٤ و ١٩٤١٥).
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٦٢٢) إلى: الفريابي، وعبد بن حميد.
(¬١) انظر: "جامع البيان" (١٢/ ٦٤٢)، و"المحرر الوجيز" (١٥/ ٥٠٥).
(¬٢) "معاني القرآن" (٣/ ٢٧٧).
وهو اختيار ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١٢/ ٦٤٢)، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٢٨٣ - ٢٨٩) ونسبه إلى علماء اللغة.
واستحسنه الألوسي في "روح المعاني" (١٥/ ٣٩٧)، والقاسمي في "محاسن التأويل" (٧/ ٣٥٣).
(¬٣) في (خ) و (م): الخبر.

الصفحة 82