كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الحديد: ٢٨]، فضَمِنَ لهم - سبحانه - بالتقوى ثلاثةَ أمور:
أعطاهم نَصِيبَين من رحمته؛ نصيبًا في الدنيا، ونصيبًا في الآخرة، وقد يُضَاعِفُ لهم نصيبَ الآخرة فيصير نصيبين.
الثاني: أعطاهم نورًا يمشون به في الظلمات.
الثالث: مغفرة ذنوبهم.
وهذا غاية التيسير، فقد جعل - سبحانه - التقوى سببًا لكلِّ يُسْرٍ، وتَرْكَ التقوى سببًا لكلِّ عُسْرٍ.
السبب الثالث: التصديق بالحُسْنَى، وفُسِّرَت بـ "لا إله إلا الله"، وفُسِّرت بالجنَّة، وفُسِّرت بالخَلَف، وهي أقوال السلف (¬١).
و"اليُسْرَى": صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أي: الحالة والخَلَّة اليُسْرَى، وهي "فُعْلَى" من اليُسْرِ.
والأقوال الثلاثة ترجع إلى أفضل الأعمال، وأفضل الجزاء:
فمن فسَّرها بـ "لا إله إلا الله"؛ فقد فسَّرها بمفردٍ يأتي بكلِّ جمعٍ، فإنَّ التصديقَ الحقيقي بـ "لا إله إلا الله" يستلزم التصديقَ بشُعَبِها وفروعِها
---------------
(¬١) في تفسير "الحُسْنَى" سبعة أقوال مأثورة عن السلف، قال القرطبي: "وكلُّه متقارب المعنى؛ إذ كلُّه يرجع إلى الثواب الذي هو الجنَّة". "الجامع" (٢٠/ ٨٣).
وانظر: "النكت والعيون" للماوردي (٦/ ٢٨٧)، و"زاد المسير" (٨/ ٢٦٣).

الصفحة 91