كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
كلامًا لم يسمع مثله (¬١) قط. فقال له: حدثني، هل أحد من أصحابك مثلك؟ فقال: لا تسل، من هواني عندهم بعثوني إليك، وعرَّضوني لما عرضوني، ولا يدرون ما يصنع بي. فأمر له بجائزة (¬٢) وكسوة، وبعث إلى البواب: إذا مرَّ بك فاضرب عنقه، وخذ ما معه. فمر برجل من نصارى غسان فعرفه، فقال: يا عمرو قد أحسنت الدخول، فأحسن الخروج. فرجع، فقال له الملك: ما ردك إلينا؟ قال: نظرت فيما أعطيتني فلم أجد ذلك يسع (¬٣) بني عمي، فأردت الخروج، فآتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية فيكون معروفك عند عشرة رجال خيرًا من أن يكون عند واحد. قال: صدقت عجّل (¬٤) بهم. وبعث إلى البواب: خلّ سبيله. فخرج عمرو وهو يلتفت، حتى إذا أَمِنَ قال: لا عدت لمثلها (¬٥). فلما كان بعدُ رآه الملك، فقال: أنت هو؟ قال: نعم، على ما كان من غدرك (¬٦).
ومن ذلك: فراسة الحسن بن علي - رضي الله عنهما - لما جيء إليه بابن مُلْجِم قال له: أريد أُسارّك بكلمة. فأبى الحسن، وقال: تريد أن تَعضَّ أذني. فقال ابن ملجم: والله لو أمكنتني منها لأخذتها من
---------------
(¬١) في "ب": "بمثله".
(¬٢) وفي "جـ": "بجارية".
(¬٣) في "جـ": "مع بني".
(¬٤) في "ب": "فعجل".
(¬٥) في "ب": "إلى مثلها".
(¬٦) روى نحوه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٦/ ١٥٥). وانظر: الأذكياء (٣٠)، لطف التدبير (٢٠٨)، نثر الدر للآبي (٤/ ١٢٣).