كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

يتستر بالعمل، فدعا به، واستدعى بالضرّاب فضربه، وحلف له إن لم يصدقْه أن يضرب عنقه، فقال: لي الأمان، قال: نعم، إلا فيما يجب عليك بالشرع. فظن أنه قد أمنه، فقال: كنت أعمل في الآجُر (¬١)، فاجتاز رجل في وسطه هِمْيان (¬٢)، فجاء إلى مكان فجلس وهو لا يعلم مكاني، فحل الهميان وأخرج منه دنانير فتأملته (¬٣)، وإذا كله دنانير فبادرته (¬٤) وكتفته وشددت (¬٥) فاه، وأخذت الهميان، وحملته على كتفي وطرحته في الأتون (¬٦) وطيَّنته. فلما كان بعد ذلك أخرجت عظامه فطرحتها في دجلة. فأنفذ المعتضد من أحضر الدنانير من منزله، وإذا على الهميان مكتوب: فلان بن فلان، فنادى في البلد باسمه، فجاءت امرأة فقالت: هذا زوجي، ولي منه هذا الطفل، خرج وقت كذا وكذا ومعه ألف دينار: فغاب إلى الآن. فسلم الدنانير إليها (¬٧)، وأمرها أن تعتد، وأمر بضرب عنق الأسود، وحمل (¬٨) جثته إلى ذلك الأتون (¬٩).
---------------
(¬١) الآجر: اللَّبِن إذا طُبخ. المصباح المنير (٦)، لسان العرب (٤/ ١١).
(¬٢) الهِمْيان: كيس تجعل فيه النفقة ويشد على الوسط. المصباح المنير (٦٤١)، القاموس المحيط (١٦٠٠).
(¬٣) من قوله "فجلس وهو لا يعلم" حتى "فتأملته" ساقط من "ب".
(¬٤) في "أ": "فثاورته"، وفي "جـ": "فساورته".
(¬٥) وفي "أ": "وسددت".
(¬٦) الأتون: الموقد. مختار الصحاح (٤)، لسان العرب (١٣/ ٧).
(¬٧) وفي "ب" و"جـ" و"هـ": "إلى امرأته".
(¬٨) وفي "ب": "حملت".
(¬٩) الأذكياء (٤٢)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٤٦٥)، تاريخ الإسلام (٢١/ ٦٤).

الصفحة 106