كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فصل
ومن عجيب الفراسة ما ذُكر عن أحمد بن طولون: أنه بينما هو في مجلس له يتنزه (¬١) فيه، إذ رأى سائلًا في ثوب خلق، فوضع دجاجة على رغيف وحلوى وأمر بعض الغلمان فدفعه إليه، فلما وقع في يده لم يهش له ولم يعبأ به، فقال للغلام: جئني به، فلما وقف قدامه استنطقه، فأحسن الجواب، ولم يضطرب من هيبته، فقال: هات الكتب (¬٢) التي معك، واصدقني من بعثك، فقد صح عندي أنك صاحب خبر. وأحضر السياط، فاعترف، فقال بعض جلسائه: هذا والله السحر، قال: ما هو بسحر، ولكن فراسة صادقة، رأيت سوء حاله، فوجهت إليه بطعام يشره إلى أكله الشبعان، فما هش له، ولا مد يده إليه، فأحضرته فتلقاني بقوة جأش، فلما رأيت رثاثة (¬٣) حاله، وقوة جأشه، علمت أنه صاحب خبر، فكان كذلك (¬٤).
ورأى يومًا حمالًا يحمل صنًّا (¬٥) وهو يضطرب تحته، فقال: لو
---------------
= ١٦٧)، زاد المعاد (٢/ ٣٥٦ و ٤٦٨)، شرح الأبي لمسلم (٧/ ٣٦٧)، فتح الباري (١٠/ ٥٨١)، عمدة القاري (١٨/ ٢٥٢)، مرقاة المفاتيح (٨/ ٥٢٣)، مكمل إكمال الإكمال (٧/ ٤٦٨).
(¬١) "يتنزه" ساقطة من "أ".
(¬٢) في "هـ": "الكتاب".
(¬٣) في "جـ": "وثاقه".
(¬٤) انظر: تاريخ الإسلام (٢٠/ ٤٨)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٩٥)، النجوم الزاهرة (٣/ ١٣)، الأذكياء (٥٦).
(¬٥) الصَّن: زنبيل كبير يجعل فيه الطعام والخبز. انظر: لسان العرب (١٣/ =

الصفحة 112