كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقضى في رجلين حُرّين يبيع أحدهما صاحبه على أنه عبد، ثم يهربان من بلد إلى بلد بقطع أيديهما (¬١)؛ لأنهما سارقان لأنفسهما، ولأموال الناس.
قلت: وهذا من أحسن القضاء، وهو الحق (¬٢)، وهما أولى بالقطع من السارق المعروف، فإن السارق إنما قطع - دون المنتَهِب (¬٣) والمغتصب (¬٤) -؛ لأنه لا يمكن التحرز منه. ولهذا قُطع النَّباش (¬٥)، ولهذا جاءت السنة بقطع جاحد العارية (¬٦).
وقضى علي - رضي الله عنه - أيضًا في امرأة تزوجت، فلما كان ليلة زفافها أدخلت صديقها الحجلة (¬٧) سرًّا، وجاء الزوج فدخل
---------------
(¬١) روى نحوه عبد الرزاق (١٠/ ١٩٤ و ١٩٥)، ورواه من طريقه ابن حزم في المحلى (١١/ ٣٣٦). وانظر: فتح الباري (٤/ ٤٨٨)، عمدة القاري (١٠/ ٢٨). وإسناده منقطع ابن جريج وقتادة لم يدركا عليًّا رضي الله عنه.
(¬٢) وهو مذهب الظاهرية. المحلى (١١/ ٣٣٧)، والجمهور على خلافه. انظر: فتح الباري (٤/ ٤٨٨)، عمدة القاري (١٠/ ٢٨)، الإشراف لابن المنذر (٢/ ٢٩٤).
(¬٣) المنتهب: اسم فاعل من انتهب الشيء إذا سلبه ولم يختلسه. المطلع (٣٧٥).
(¬٤) المغتصب: من استولى على حق غيره عدوانًا. التعريفات (٥٣٨)، المطلع (٢٧٤).
(¬٥) نبش الميت استخرجه، والنباش من يعتاد ذلك. طلبة الطلبة (١٤١)، مختار الصحاح (٦٤٣)، المصباح المنير (٥٩٠).
(¬٦) العاريَّة اصطلاحًا: تمليك المنافع بغير عوض. تبيين الحقائق (٥/ ٨٣)، الهداية (٥/ ٢٤٥). والحديث رواه مسلم (١٦٨٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(¬٧) الحجلة: بيت يزين بالحلل والأثواب للعروس. مختار الصحاح (١٢٤)، =

الصفحة 125