كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخفين أن قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦] معناه: أن تكون الأقدام بادية (¬١). وكذلك لما رجم المحصن في الزنا: علم أن قوله: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] للبكرين. وكذلك كل ما ذكرنا من السنن على هذا، فما بال الشاهد واليمين ترد من بينها؟ وإنما هي ثلاث منازل في شهادات الأموال، اثنتان بظاهر الكتاب وواحدة (¬٢) بتفسير السنة له. فالمنزلة الأولى: الرجلان. والثانية: الرجل والمرأتان. والثالثة: الرجل واليمين. فمن أنكر هذه لزمه إنكار كل شيء ذكرناه، لا يجد من ذلك بدًّا حتى يخرج من قول العلماء.
قال أبو عبيد (¬٣): ويقال لمن أنكر الشاهد واليمين، وذكر أنه خلاف القرآن: ما تقول في الخصم يشهد له الرجل والمرأتان، وهو واجد لرجلين يشهدان له؟ فإن قالوا: الشهادة جائزة. قيل: ليس هذا أولى بالخلاف، وقد اشترط القرآن فيه ألا يكون للمرأتين (¬٤) شهادة إلا
---------------
(¬١) انظر: تهذيب السنن للمؤلف (١/ ١٩٦) "مع العون"، مجموع الفتاوى (٢١/ ١٢٩)، تفسير ابن كثير (٣/ ٤٩)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٧٠)، أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٣٣)، أحكام القرآن للكيا الهراسي (٣/ ٤٠)، أضواء البيان (٢/ ٧)، تفسير ابن جرير (٤/ ٤٦٦)، تفسير البغوي (٢/ ١٦)، الكشاف (١/ ٥٩٧)، معاني القرآن للأخفش (١/ ٢٥٥)، تفسير الخازن (٢/ ١٧)، معاني القرآن للنحاس (٢/ ٢٧٢)، تفسير أبي السعود (٣/ ١١).
(¬٢) وفي "ب" و"هـ": "والثالث". قال ابن باز رحمه الله لعله: "والثالثة".
(¬٣) وفي "ب" و"هـ": "أبو عبيدة".
(¬٤) في "ب": "المرأة".

الصفحة 178