كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مع فَقْد أحد الرجلين، فإنه سبحانه قال: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] ولم يقل: واستشهدوا شهيدين من رجالكم أو رجلًا وامرأتين. فيكون فيه الخيار، كما جعله في الفدية كما قال تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]. ومثل ما جعله في كفارة اليمين بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة (¬١). فهذه أحكام الخيار (¬٢). ولم يقل ذلك في آية (¬٣) الدين (¬٤). ولكنه قال فيها كما قال في آية الفرائض: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١]، كذلك الآية التي بعدها، فقوله ها هنا: {إِنْ لَمْ يَكُنْ} كقوله في آية الشهادة: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا}، وكذلك قال في آية الطهور: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] و [المائدة: ٦] وفي آية الظهار (¬٥): {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: ٤] وكذلك في متعة الحج وكفارة اليمين: أن الصوم لا يجزئُ الواجد. فأي الحكمين أولى بالخلاف: هذا أم (¬٦) الشاهد واليمين، الذي ليس فيه (¬٧) من الله اشتراط منع، إنما سكت عنه، ثم فسرته السنة؟
---------------
(¬١) سورة المائدة آية (٨٩).
(¬٢) وصحح العلامة ابن باز رحمه الله العبارة إلى: "فهذه الأحكام بالخيار".
(¬٣) "آية" ساقطة من "أ".
(¬٤) سورة البقرة آية (٢٨٢).
(¬٥) الظهار: أن يقول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي. مفردات ألفاظ القرآن (٥٤١)، طلبة الطلبة (٥٠)، حلية الفقهاء (١٧٧)، أنيس الفقهاء (١٦٢)، المطلع (٣٤٥)، غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٣٦).
(¬٦) "أم" ساقطة من "ب".
(¬٧) في "أ" و"جـ": "ليس له فيه".

الصفحة 179