كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فأتاه أحدهما بشاهد. وقال لشريح: وأنت شاهدي أيضًا، فقضى له شريح مع شاهده بيمينه (¬١). وهذا محتمل.
وصح عن الشعبي أنه قال: لا أكون شاهدًا وقاضيًا (¬٢).
واحتج من قال: "يحكم بعلمه" بما في "الصحيحين" (¬٣) من قصة هند لما اشتكت أبا سفيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحكم عليه بأن تأخذ كفايتها وكفاية بنيها، ولم يسألها البينة، ولا أحضر الزوج.
وهذا الاستدلال ضعيف جدًّا، فإن هذا إنما هو فتيا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا حكم (¬٤)، ولهذا لم يحضر الزوج، ولم يكن غائبًا عن البلد، والحكم على الغائب عن مجلس الحكم (¬٥)، الحاضر في البلد، غير الممتنع (¬٦)، وهو يقدر على الحضور، ولم يوكل (¬٧) وكيلًا = لا يجوز اتفاقًا.
وأيضًا؛ فإنَّها لم تسأله الحكم، وإنما سألته: "هل يجوز لها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي بنيها (¬٨)؟ " وهذا استفتاء محض، فالاستدلال به
---------------
(¬١) رواه ابن أبي شيبة (٤/ ٤٤٥). وصححه ابن حزم في المحلَّى (٩/ ٤٢٧).
(¬٢) انظر: المحلَّى (٩/ ٤٢٧) وصححه.
(¬٣) البخاري رقم (٢٢١١) (٤/ ٤٧٣)، ومسلم رقم (١٧١٤) (١١/ ٢٤٨) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(¬٤) انظر: المغني (١٤/ ٣٣ و ٩٤)، وشرح الأبي لمسلم (٦/ ٢٣١)، ومكمل إكمال الإكمال (٦/ ٢٣١) "مع الأبي".
(¬٥) في "أ" و"د" و"هـ" و"و": "الحاكم".
(¬٦) وفي "د" و"هـ" و"و": "ممتنع".
(¬٧) "ولم يوكل" ساقطة من "ب".
(¬٨) وفي "د": "ولدها".

الصفحة 524