كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

بوقوع أحد الاحتمالات إلا بدليل، وقد تضمنت القصة أمرين مشكلين:
أحدهما (¬١): ثبوت النسب بالقرعة.
والثاني: إلزام من خرجت له القرعة بثلثي الدية للآخرين.
فمن صحح الحديث ونفى الحِكَم والتعليل - كبعض أهل الظاهر - قال به ولم يلتفت إلى معنى ولا علة ولا حكمة، وقال: ليس هنا إلا التسليم والانقياد.
وأما من سلك طريق التعليل والحكمة، فقد يقول: إنه إذا تعذرت القافة أو أشكل الأمر عليها كان المصير إلى القرعة أولى من ضياع نسب الولد، وتركه هملًا (¬٢) لا نسب له، وهو ينظر إلى ناكح أمه وواطئها، فالقرعة ها هنا أقرب الطرق إلى إثبات النسب، فإنها طريق شرعي، وقد سدت (¬٣) الطرق سواها (¬٤)، وإذا كانت صالحة لتعيين الأملاك المطلقة، وتعيين الرقيق من الحر، وتعيين الزوجة من الأجنبية، فكيف لا تصلح لتعيين صاحب النسب (¬٥) من غيره؟.
والمعلوم أن طرق حفظ الأنساب أوسع من طرق حفظ الأموال،
---------------
(¬١) انظر: زاد المعاد (٥/ ٤٣٠)، فتح القدير لابن الهمام (٥/ ٥٣).
(¬٢) في "أ": "مهملًا".
(¬٣) في "جـ" و"د" و"هـ" و"و": "استدت".
(¬٤) في "و": "إلَّا سواها".
(¬٥) في "د": "صاحب الفراش".

الصفحة 617