كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وَمَا وَلُوا" (¬١).
والمقصود: أنَّ الحكم بين النَّاس في النوع الَّذي لا يتوقف على الدعوى هو المعروف بولاية الحسبة.
وقاعدته وأصله: هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الَّذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، ووصف به هذه الأمة، وفضّلها لأجله على سائر الأمم التي أخرجت للنَّاس (¬٢)، وهذا واجبٌ على كلِّ مسلم قادر، وهو فرض كفاية، ويصير فرض عين على القادر الَّذي لم يقم به غيره من ذوي الولاية والسلطان (¬٣)، فعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم، فإنَّ مناط الوجوب هو القدرة، فيجب على القادر ما لا يجب على العاجز، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (¬٤).
---------------
= وقال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر في هداية الرواة (٣/ ٤٧٧)، وانظر: العلل لابن المديني (١٥٧)، كما حسَّنهُ البغوي في شرح السنَّة (١٠/ ٩٢)، وصححه السيوطي في الجامع الصغير (٢/ ١٦٩).
(¬١) رواه مسلم رقم (١٨٢٧) (١٢/ ٤٥٣) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
(¬٢) في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠].
(¬٣) انظر: الأحكام السلطانية للماوردي (٣١٥)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (٢٨٤)، معالم القربة (٢٢)، الفروق (٤/ ٢٥٧).
(¬٤) رواه البخاري رقم (٧٢٨٨) (١٣/ ٢٦٤)، ومسلم رقم (١٣٣٧) (٩/ ١٠٨) =

الصفحة 622