كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
والثانية: أنَّه إنَّما يثبت له عند الغبن، وهي ظاهر المذهب (¬١).
وقالت طائفة (¬٢): بل نهى عن ذلك لما فيه من ضرر المشتري إذا تلقَّاهُ المتلقي، فاشترى منه، ثمَّ باعه (¬٣).
وفي الجملة، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البيع والشراء الَّذي جنسه حلال، حتَّى يعلم البائع بالسعر، وهو ثمن المثل، ويعلم المشتري بالسلعة.
وصاحب القياس الفاسد يقول: للمشتري أن يشتري حيث شاء، وقد اشترى من البائع، كما يقول: فله أن يتوكل للبائع الحاضر وغير الحاضر. ولكن الشارع راعى المصلحة العامة، فإن الجالب إذا لم يعرف السعر كان جاهلًا بثمن المثل، فيكون المشتري غارًّا له.
وألحق مالك (¬٤) وأحمد (¬٥) - رضي الله عنهما - بذلك كل مسترسل، فإنَّه بمنزلة الجالب الجاهل بالسعر.
فتبين أنه يجب على الإنسان ألَّا يبيع مثل هؤلاء إلَّا بالسعر المعروف، وهو ثمن المثل، وإن لم يكونوا محتاجين إلى الابتياع منه،
---------------
(¬١) انظر: المغني (٦/ ٣١٣)، الانصاف (١١/ ٣٣٨)، الكشاف (٣/ ١٨٤)، مطالب أولي النهى (٣/ ٥٦).
(¬٢) انظر: المعونة (٢/ ١٠٣٣).
(¬٣) في "د" و"هـ" و"و": "فاشترى به باعه" هكذا.
(¬٤) انظر: المعونة (٢/ ١٠٤٩)، البيان والتحصيل (١١/ ١٣).
(¬٥) انظر: المغني (٦/ ٣٦)، الشرح الكبير (١١/ ٣٤٢)، الإنصاف (١١/ ٣٤٢).