كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر، فهي (¬١) من الشريعة، عَلِمَها من عَلِمها، وجهلها من جهلها.
ولا تنس في هذا الموضع قول سليمان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأتين اللتين ادعتا الولد. فحكم به داود - صلى الله عليه وسلم - للكبرى، فقال سليمان: "ائتُونِي بالسِّكّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا". فسمحت الكبرى بذلك، فقالت الصغرى: لا تَفْعَل يَرْحَمكَ الله، هُوَ ابْنُهَا "فَقَضى بهِ لِلصُّغْرَى" (¬٢)، فأي شيء أحسن من اعتبار هذه القرينة الظاهرة! فاستدل برضا الكبرى بذلك، وأنها قصدت الاسترواح إلى التأسّي بمساواة الصغرى في فقد ولدها، وبشفقة (¬٣) الصغرى عليه، وامتناعها من الرضا بذلك (¬٤): على أنها هي أمه (¬٥)، وأن الحامل لها على الامتناع هو (¬٦) ما قام بقلبها من الرحمة والشفقة التي وضعها الله تعالى في قلب الأم، وقويت هذه القرينة عنده، حتى قدمها على إقرارها، فإنه حكم به لها مع (¬٧) قولها "هو
---------------
= إعلام الموقعين (٤/ ٣٧٢).
(¬١) في "أ" و"جـ": "بعين الشريعة".
(¬٢) أخرجه البخاري رقم (٦٧٦٩) كتاب الفرائض، باب إذا ادعت المرأة ابنًا، ومسلم (١٧٢٠) في الأقضية، باب بيان اختلاف المجتهدين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬٣) وفي "ب" و "هـ": "وشفقة".
(¬٤) وفي "جـ": "هـ": "بذلك دال".
(¬٥) في "جـ": "على أنها أمه".
(¬٦) وفي "جـ": "الامتناع من الدعوى ما قام".
(¬٧) وفي "ب": "حكم به مع".

الصفحة 8