كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
احتمل النفي، واحتمل الإقرار، فينصب "ماله" بفعل محذوف مقدر، أي دفع إلى، أو أعطاني ماله، أو يجعل "ما" موصولة، والجار والمجرور صلتها (¬١) ووديعة خبر عن "ما" فإذا قال: "ولا غيرها" تعين النفي.
وقال حماد بن سلمة: شهدت إياس بن معاوية يقول في رجل ارتهن رهنًا، فقال المرتهن: رهنته بعشرة. وقال الراهن: رهنته بخمسة، فقال: إن كان للراهن بينة أنه دفع إليه الرهن فالقول ما قال الراهن، وإن لم يكن له بينة بدفع الرهن إليه، والرهن بيد المرتهن، فالقول ما قال المرتهن؛ لأنه لو شاء لجحده (¬٢) الرهن (¬٣).
قلت: وهذا قول ثالث في المسألة، وهو من أحسن الأقوال (¬٤)، فإن إقراره بالرهن - وهو في يده ولا بينة للراهن - دليل على صدقه، وأنه محق، ولو كان مبطلًا لجحده الرهن رأسًا.
ومالك (¬٥) وشيخنا (¬٦) رحمهما الله يجعلان القول قول المرتهن، ما لم يزد على قيمة الرهن.
---------------
(¬١) "صلتها" ساقط من "ب" و"جـ" و"هـ".
(¬٢) في "ب" و"جـ" و"هـ": "جحده".
(¬٣) تهذيب الكمال (٣/ ٤٢١).
(¬٤) في "جـ": "انتهى".
(¬٥) انظر: الموطأ (٧٣٢)، المدونة (٥/ ٣٢٣)، الاستذكار (٢٢/ ١١٠)، المنتقى (٥/ ٢٦٠)، التفريع (٢/ ٢٦٤)، التلقين (٤١٩)، القوانين (٣٣٥)، تفسير القرطبي (٣/ ٣٨٨)، أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٤٥)، تبصرة الحكام (٢/ ٨٨).
(¬٦) الفتاوى الكبرى (٤/ ٤٧٨)، الاختيارات (١٣٣)، إغاثة اللهفان (٢/ ٤٧٠).