كتاب العلمانية والمذهب المالكي

وهذه الحدود الشرعية ليست بمعزل عن نظام اجتماعي واقتصادي متكامل يضمن للفرد المستهدف بهذه العقوبات: العيش الكريم والسلم الاجتماعي وإشباع الرغبات المختلفة وفق ضوابط الشريعة.
ويحاول العلمانيون فصل الحدود عن النظام التشريعي والاقتصادي والاجتماعي العام الذي جاء به الإسلام، لكي يسهل عليهم استهدافها بالنقد والسخرية والاستهزاء، وتصويرها على أنها نظام عقابي متخلف همجي يستند إلى ثقافة القرون الوسطى، كما قد حكيت عنهم ذلك بتفصيل في كتابي: العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام.
فهل تتصور مثلا السرقة في ظل مجتمع يلزم الإسلامُ الحاكمَ فيه بتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين، ويلزمه بجمع الزكاة من الأغنياء وتوزيعها على الفقراء؟.
وهل يمكن تصور وجود الزنا في ظل مجتمع يقوم على الفضيلة والحشمة والأخلاق الفاضلة وعدم التبرج مع إعلام منضبط بضوابط الشريعة، مع تشجيع للزواج الشرعي بكافة السبل؟
المشكلة هي عندما يتحدث البعض عن حلول ترقيعية لمشكل جزئي في ظل نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي مختلف.
فالإسلام له نظام متكامل من جميع جوانبه، وليس حدودا فقط أو منع تبرج فقط. ولهذا فمن أخذ جزءا من الإسلام ورام تطبيقه بمعزل عن استراتيجية متكاملة للشريعة، وتقديم ما حقه التقديم وتأخير ما حقه التأخير فجنايته على الإسلام أعظم وأشد.

الصفحة 142