كتاب العلمانية والمذهب المالكي

أمره بذلك معلوما بالإغضاء عن مشتهرات المناكر، وترك البحث عن قطع موادها مؤد إلى وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سألته زينب: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «نعم، إذا كثر الخبث» (¬1). انتهى كلام ابن المناصف.
وفي المدونة الكبرى (3/ 525): قلت: أرأيت إن أجَّرت داري من رجل فظهرت منه دعارة وفسق وشرب الخمور أيكون لي أن أخرجه من داري وأنقض الإجارة؟ قال: الإجارة بحالها لا تنتقض, ولكن السلطان يمنعه من ذلك ويكف أذاه عن الجيران وعن رب الدار, فإن رأى السلطان أن يخرجه عنهم أخرجه عنهم وأكرى له الدار فأما كراء رب الدار فهو عليه لا ينتقض على حال. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: هذا رأيي. والقصارون إذا اتخذوا في دورهم ما لا ينبغي من شربهم الخمور واتخاذهم فيها الخنازير منعهم السلطان ولم تنتقض الإجارة؟ قال: نعم.
فهذا نص واضح من إمام المذهب في وجوب غلق دور الدعارة والفسق وشرب الخمر ومنع إجارة المنزل لاتخاذ ذلك. وقد تابع علماء المذهب إمامهم في ذلك فجلهم نص على ذلك، منه قول ابن بطال في شرح صحيح البخاري (8/ 288): قال المهلب: إخراج أهل الريب والمعاصي من دورهم بعد المعرفة بهم واجب على الإمام من أجل تأذي من جاورهم، ومن أجل مجاهرتهم
¬_________
(¬1) رواه البخاري (3/ 3168 - 3403 - 6650 - 6/ 6716) ومسلم (4/ 2880) والترمذي (4/ 2187) وابن ماجه (2/ 3953) وأحمد (6/ 428 - 429) والنسائي في الكبرى (6/ 391 - 407) وابن أبي شيبة (7/ 459) والحميدي (1/ 308) وأبو يعلى (13/ 7155 - 7159) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 429) والطبراني في الكبير (24/ 51 - 52 - 53 - 55) والبيهقي في السنن (10/ 93) والشعب (6/ 98) والاعتقاد (215) عن زينب. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

الصفحة 151