كتاب الروزنامجة

ما زال أحداث بغداد يذكِّرونني بابن سمعون المتصوف وكلامه على الناس في مكان الشبلي فجمَّعتُ يوماً في المدينة وعليَّ طيلسان ومُصْمتةَ، ووقعتُ عليه وقد لبس فوطة قصب، وقعد على كرسيِّ ساج، بوجهٍ حسن ولفظ عذب، فرأيتُه يقطع مسائله بهوسٍ يطيله ويسهب فيه، فقلتُ: لا بد من أن أسأله عمَّا أقطع به، وابتدرتُ فقلت: يا شيخ ما تقول في قدسيكونيّات العلم إذا وقعتْ قبل التوهم، فورد عليه ما لم يسمع به، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال: لم أؤخر إجابتك عجزاً عن مسألتك بل لأعطشك إلى الجواب، وأخذ في ضرب من الهذيان، فلما سكت قلتُ: هذا بعد التوهم، وإنما سألتُك قبله، إلى أن ضَجر فانصرفتُ عنه.

الصفحة 102