كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

قالوا وأيضا ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله يقرأ القرآن فيقرأ السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته
قالوا وقد كان يقرأ القرآن عليهم في المجامع كلها ومن البعيد جدا أن يكون كلهم إذ ذاك على وضوء وكانوا يسجدون حتى لا يجد بعضهم مكانا لجبهته ومعلوم أن مجامع الناس تجمع المتوضىء وغيره
قالوا وأيضا فقد أخبر الله تعالى في غير موضع من القرآن أن السحرة سجدوا لله سجدة فقبلها الله منهم ومدحهم عليها ولم يكونوا متطهرين قطعا ومنازعونا يقولون مثل هذا السجود حرام فكيف يمدحهم ويثني عليهم بما لا يجوز فإن قيل شرع من قبلنا ليس بشرع لنا
قيل قد احتج الأئمة الأربعة بشرع من قبلنا وذلك منصوص عنهم أنفسهم في غير موضع
قالوا سلمنا لكن ما لم يرد شرعنا بخلافه
قال المجوزون فأين ورد في شرعنا خلافه قالوا وأيضا فأفضل أجزاء الصلاة وأقوالها هو القراءة ويفعل بلا وضوء فالسجود أولى
قالوا وأيضا فالله سبحانه وتعالى أثنى على كل من سجد عند التلاوة فقال تعالى إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا وهذا يدل على أنهم سجدوا عقب تلاوته بلا فضل سواء كانوا بوضوء أو بغيره لأنه أثنى عليهم بمجرد السجود عقب التلاوة ولم يشترط وضوءا
وكذلك قوله تعالى إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا
قالوا وكذلك سجود الشكر مستحب عند تجدد النعم المنتظرة
وقد تظاهرت السنة عن النبي بفعله في مواضع متعددة وكذلك أصحابه مع ورود الخبر السار عليهم بغتة وكانوا يسجدون عقبه ولم يؤمروا بوضوء ولم

الصفحة 100