كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

يخبروا أنه لا يفعل إلا بوضوء
ومعلوم أن هذه الأمور تدهم العبد وهو على غير طهارة فلو تركها لفاتت مصلحتها
قالوا ومن الممتنع أن يكون الله تعالى قد أذن في هذا السجود وأثنى على فاعله وأطلق ذلك وتكون الطهارة شرطا فيه ولا يسنها ولا يأمر بها رسول الله أصحابه ولا روي عنه في ذلك حرف واحد
وقياسه على الصلاة ممتنع لوجهين أحدهما أن الفارق بينه وبين الصلاة أظهر وأكثر من الجامع إذ لا قراءة فيه ولا ركوع لا فرضا ولا سنة ثابتة بالتسليم
ويجوز أن يكون القارىء خلف الإمام فيه ولا مصافة فيه
وليس إلحاق محل النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق
الثاني أن هذا القياس إنما يمتنع لو كان صحيحا إذا لم يكن الشيء المقيس قد فعل على عهد النبي ثم تقع الحادثة فيحتاج المجتهد أن يلحقها بما وقع على عهده من الحوادث أو شملها نصه وأما مع سجوده وسجود أصحابه وإطلاق الإذن في ذلك من غير تقييد بوضوء فيمتنع التقييد به
فإن قيل فقد روى البيهقي من حديث الليث عن نافع عن ابن عمر أنه قال لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر وهذا يخالف ما رويتموه عن ابن عمر مع أن في بعض الروايات وكان ابن عمر يسجد على وضوء وهذا هو اللائق به لأجل رواية الليث
قيل أما أثر الليث فضعيف
وأما رواية من روى كان يسجد على وضوء فغلط لأن تبويب البخاري واستدلاله قوله والمشرك ليس له وضوء يدل على أن الرواية بلفظ غير وعليها أكثر الرواة
ولعل الناسخ استشكل ذلك فظن أن لفظه غير غلط فأسقطها ولاسيما إن كان قد اغتر بالأثر الضعيف المروي عن الليث وهذا هو الظاهر فإن إسقاط الكلمة للاستشكال كثير جدا وأما زيادة غير في مثل هذا الموضع فلا يظن زيادتها غلطا ثم تتفق عليها النسخ المختلفة أو أكثرها

الصفحة 101