كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

أصحابه وأهل بلدته ولا يذهب إليها أحد منهم ولا يروونها ويديرونها بينهم
ومن أنصف لم يخف عليه امتناع هذا فلو كانت هذه للسنة العظيمة المقدار عند ابن عمر لكان أصحابه وأهل المدينة أقول الناس بها وأرواهم لها
فأي شذوذ أبلغ من هذا وحيث لم يقل بهذا التحديد أحد من أصحاب ابن عمر علم أنه لم يكن فيه عنده سنة من النبي فهذا وجه شذوذه
وأما عليه فمن ثلاثة أوجه أحدها وقف مجاهد له على ابن عمر واختلف فيه عليه واختلف فيه على عبيد الله أيضا رفعا ووقفا
ورجح شيخا الإسلام أبو الحجاج المزي وأبو العباس بن تيمية وقفه ورجح البيهقي في سننه وقفه من طريق مجاهد وجعله هو الصواب قال شيخنا أبو العباس وهذا كله يدل على أن ابن عمر لم يكن يحدث به عن النبي ولكن سئل عن ذلك فأجاب بحضرة ابنه فنقل ابنه ذلك عنه
قلت ويدل على وقفه أيضا أن مجاهدا وهو العلم المشهور الثبت إنما رواه عنه موقوفا
واختلف فيه على عبيد الله وقفا ورفعا
العلة الثانية اضطراب سنده كما تقدم
العلة الثالثة اضطراب منه فإن في بعض ألفاظه إذا كان الماء قلتين وفي بعضها إذا بلغ الماء قدر قلتين أو ثلاث والذين زادوا هذه اللفظة ليسوا بدون من سكت عنها كما تقدم
قالوا وأما تصحيح من صححه من الحفاظ فمعارض بتضعيف من ضعفه وممن ضعفه حافظ المغرب أبو عمر بن عبدالبر وغيره
ولهذا أعرض عنه أصحاب الصحيح جملة
قالوا وأما تقدير القلتين بقلال هجر فلم يصح عن رسول الله فيه شيء أصلا
وأما ما ذكره الشافعي فمنقطع وليس قوله بقلال هجر فيه من كلام النبي ولا أضافة الراوي إليه وقد صرح في الحديث أن التفسير بها من كلام يحيى بن عقيل
فكيف يكون بيان هذا الحكم العظيم والحد الفاصل بين الحلال والحرام الذي تحتاج إليه جميع الأمة

الصفحة 113