كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

الْخَاصّ بَعْد الْعَامّ وَهُوَ صِفَة الرَّافِع
( وَهُوَ )
: أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْجُمْلَة حَال
( إِنَّهُ )
: ضَمِير الشَّأْن أَوْ الْمَاء الَّذِي يُفْهَم مِنْ السِّيَاق
( يُسْتَقَى لَك )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول ، أَيْ يُخْرَج لَك الْمَاء
( وَهِيَ )
: أَيْ بِئْر بُضَاعَة
( وَالْمَحَايِض )
: عَطْف عَلَى اللُّحُوم ، قِيلَ هُوَ جَمْع الْمَحِيض وَهُوَ مَصْدَرُ حَاضَ ، وَيَقَع الْحَيْض عَلَى الْمَصْدَر وَالزَّمَان وَالْمَكَان وَالدَّم
( وَعَذِر النَّاس )
: بِفَتْحِ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة جَمْع عَذِرَة كَكَلِمَةٍ وَكَلِم ، وَهِيَ الْغَائِط .
قَالَ الْإِمَام الْحَافِظ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ يَتَوَهَّم كَثِير مِنْ النَّاس إِذَا سَمِعَ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْهُمْ عَادَة ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ هَذَا الْفِعْل قَصْدًا وَتَعَمُّدًا ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوز أَنْ يُظَنّ بِذِمِّيٍّ بَلْ بِوَثَنِيٍّ فَضْلًا عَنْ مُسْلِم ، فَلَمْ يَزَلْ مِنْ عَادَة النَّاس قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، مُسْلِمهمْ وَكَافِرهمْ ، تَنْزِيه الْمِيَاه وَصَوْنهَا عَنْ النَّجَاسَات ، فَكَيْف يُظَنّ بِأَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَان ، وَهُمْ أَعْلَى طَبَقَات أَهْل الدِّين وَأَفْضَلُ جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ وَالْمَاء بِبِلَادِهِمْ أَعَزُّ وَالْحَاجَة إِلَيْهِ أَمَسُّ ، أَنْ يَكُون هَذَا صُنْعهمْ بِالْمَاءِ ، وَقَدْ لَعَنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَغَوَّطَ فِي مَوَارِد الْمَاء وَمَشَارِعه ، فَكَيْف مَنْ اِتَّخَذَ عُيُون الْمَاء وَمَنَابِعه رَصَدًا لِلْأَنْجَاسِ وَمَطْرَحًا لِلْأَقْذَارِ ، وَلَا يَجُوز فِيهِمْ مِثْل هَذَا الظَّنّ وَلَا يَلِيق بِهِمْ ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ هَذَا الْبِئْر مَوْضِعهَا فِي حُدُور مِنْ الْأَرْض ، وَأَنَّ السُّيُول كَانَتْ تَكْشَح هَذِهِ الْأَقْذَار مِنْ الطُّرُق وَالْأَفْنِيَة وَتَحْمِلهَا وَتُلْقِيهَا فِيهَا ، وَكَانَ لِكَثْرَتِهِ لَا يُؤَثِّر فِيهِ هَذِهِ الْأَشْيَاء وَلَا تُغَيِّرهُ ، فَسَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَأْنهَا لِيَعْلَمُوا حُكْمهَا فِي النَّجَاسَة وَالطَّهَارَة@

الصفحة 128