كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

وَغَيْره مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس عَنْ مَيْمُونَة قَالَتْ : " أَجْنَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ مِنْ جَفْنَة فَفَضَلَتْ فِيهَا فَضْلَة ، فَجَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِل مِنْهُ فَقُلْت لَهُ فَقَالَ : الْمَاء لَيْسَ عَلَيْهِ جَنَابَة وَاغْتَسَلَ مِنْهُ "
( فِي جَفْنَة )
: بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون الْفَاء : قَصْعَة كَبِيرَة وَجَمْعُهُ جِفَان
( أَوْ يَغْتَسِل )
: الظَّاهِر أَنَّ الشَّكّ مِنْ بَعْض الرُّوَاة لَا مِنْ اِبْن عَبَّاس ، لِأَنَّ الْمَرْوِيّ عَنْهُ مِنْ غَيْر طُرُق بِتَعْيِينِ لَفْظ يَغْتَسِل مِنْ غَيْر شَكّ
( إِنِّي كُنْت جُنُبًا )
: وَقَدْ اِغْتَسَلْت مِنْهَا ، وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيم وَالنُّون ، وَالْجَنَابَة مَعْرُوفَة ، يُقَال مِنْهَا أَجْنَبَ بِالْأَلِفِ وَجَنُبَ عَلَى وَزْن قَرُبَ فَهُوَ جُنُب ، وَيُطْلَق عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى وَالْمُفْرَد وَالتَّثْنِيَة وَالْجَمْع
( إِنَّ الْمَاء لَا يَجْنِب )
: قَالَ فِي الْقَامُوس : جَنَبَ أَيْ كَمَنَعَ وَجَنِبَ أَيْ كَفَرِحَ وَجَنُبَ أَيْ كَكَرُمَ فَيَجُوز فَتْح النُّون وَكَسْرُهَا وَيَصِحّ مِنْ أَجْنَبَ يُجْنِب وَهُوَ إِصَابَة الْجَنَابَة ، وَجَاءَ فِي الْأَحَادِيث الْأُخْرَى أَنَّ الْإِنْسَان لَا يُجْنِب وَكَذَا الثَّوْب وَالْأَرْض ، وَيُرِيد أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاء لَا يَصِير شَيْء مِنْهَا جُنُبًا يَحْتَاج إِلَى الْغُسْل لِمُلَامَسَةِ الْجُنُب .
قَالَ فِي التَّوَسُّط : وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ الْبَاب عَلَى طَهُورِيَّة الْمَاء الْمُسْتَعْمَل ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اِغْتَرَفَ مِنْهُ وَلَمْ يَنْغَمِس إِذْ يَبْعُد الِاغْتِسَال دَاخِل الْجَفْنَة عَادَة ، وَفِي بِمَعْنَى مِنْ ، فَيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُحْدِث إِذَا غَمَسَ يَده فِي الْإِنَاء لِلِاغْتِرَافِ مِنْ غَيْر رَفْع الْحَدَث عَنْ يَده لَا يَصِير مُسْتَعْمِلًا .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح .@

الصفحة 131