كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

عَنْ الثَّلَاثَة الْمُتَأَخِّرِينَ إِلَى طَهَارَة الْمَاء الْمُسْتَعْمَل لِلْوُضُوءِ .
وَمِنْ أَدِلَّتهمْ حَدِيث أَبِي جُحَيْفَةَ عِنْد الْبُخَارِيّ قَالَ : " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ ، فَأَتَى بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَجَعَلَ النَّاس يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْل وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ " وَحَدِيث أَبِي مُوسَى عِنْده أَيْضًا قَالَ : " دَعَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاء ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهه فِيهِ ، وَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا يَعْنِي أَبَا مُوسَى وَبِلَالًا اِشْرَبَا مِنْهُ وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهكُمَا وَنُحُوركُمَا " .
وَعَنْ السَّائِب بْن يَزِيد عِنْده أَيْضًا قَالَ : " ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ اِبْن أُخْتِي وَقَعَ أَيْ مَرِيض فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْت مِنْ وَضُوئِهِ الْحَدِيث .
فَإِنْ قَالَ الذَّاهِب إِلَى نَجَاسَة الْمُسْتَعْمَل لِلْوُضُوءِ إِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيث غَايَة مَا فِيهَا الدَّلَالَة عَلَى طَهَارَة مَا تَوَضَّأَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصه قُلْنَا : هَذِهِ دَعْوَى غَيْر نَافِقَة ، فَإِنَّ الْأَصْل أَنَّ حُكْمه وَحُكْم أُمَّته وَاحِد إِلَّا أَنْ يَقُوم دَلِيل يَقْتَضِي بِالِاخْتِصَاصِ ، وَلَا دَلِيل .
قَالَهُ الشَّوْكَانِيّ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَلَفْظه : " لَا يَبُولَنَّ أَحَدكُمْ فِي الْمَاء الرَّاكِد " اِنْتَهَى .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
هَلْ يَجُوز أَمْ لَا فَاخْتُلِفَ فِيهِ ، قَالَ الزُّهْرِيّ : " إِذَا وَلَغَ الْكَلْب فِي إِنَاء لَيْسَ لَهُ وَضُوء غَيْره يَتَوَضَّأ بِهِ " .
وَقَالَ سُفْيَان : هَذَا الْفِقْه بِعَيْنِهِ يَقُول اللَّه تَعَالَى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا } وَهَذَا مَاء وَفِي النَّفْس مِنْهُ شَيْء يَتَوَضَّأ بِهِ وَيَتَيَمَّم ، رَوَاهُ الْبُخَارِيّ تَعْلِيقًا .
وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح وَقَوْل الزُّهْرِيّ هَذَا رَوَاهُ الْوَلِيد بْن مُسْلِم فِي مُصَنَّفه عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْره عَنْهُ وَلَفْظه : سَمِعْت الزُّهْرِيّ فِي إِنَاء وَلَغَ فِيهِ كَلْب فَلَمْ يَجِدُوا مَاء غَيْره قَالَ يَتَوَضَّأ بِهِ .
وَأَخْرَجَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد مِنْ طَرِيقه بِسَنَدٍ صَحِيح .
وَعَنْ مَالِك رِوَايَة أَنَّ الْأَمْر بِالتَّسْبِيعِ لِلنَّدْبِ .
وَالْمَعْرُوف@

الصفحة 134