كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

شَبَّهَهَا بِالْمَمَالِيكِ مِنْ خَدَم الْبَيْت الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَى بَيْته لِلْخِدْمَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ } وَيَحْتَمِل أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمَنْ يَطُوف لِلْحَاجَةِ ، يُرِيد أَنَّ الْأَجْر فِي مُوَاسَاتهَا كَالْأَجْرِ فِي مُوَاسَاة مَنْ يَطُوف لِلْحَاجَةِ ، وَالْأَوَّل هُوَ الْمَشْهُور وَقَوْل الْأَكْثَرِ ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي شَرْح أَبِي دَاوُدَ ، وَقَالَ : وَلَمْ يَذْكُر جَمَاعَة سِوَاهُ ( وَالطَّوَّافَات ) : وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ أَوْ الطَّوَّافَات .
قَالَ اِبْن سَيِّد النَّاس : جَاءَ هَذَا الْجَمْع فِي الْمُذَكَّر وَالْمُؤَنَّث عَلَى صِيغَة جَمْع مَنْ يَعْقِل .
قَالَ السُّيُوطِيُّ : يُرِيد أَنَّ هَذَا الْحَيَوَان لَا يَخْلُو أَنْ يَكُون مِنْ جُمْلَة الذُّكُور الطَّوَّافِينَ أَوْ الْإِنَاث الطَّوَّافَات ، وَمُحَصَّل الْكَلَام أَنَّهُ شَبَّهَ ذُكُور الْهِرّ بِالطَّوَّافِينَ وَإِنَاثهَا بِالطَّوَّافَاتِ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ .
قَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح .
وَقَالَ : وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب ، وَقَدْ جَوَّدَ مَالِك هَذَا الْحَدِيث عَنْ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ أَحَد أَتَمَّ مِنْ مَالِك ، وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ : جَوَّدَ مَالِك بْن أَنَس هَذَا الْحَدِيث وَرِوَايَته أَصَحُّ مِنْ رِوَايَة غَيْره .
اِنْتَهَى .
69 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَنَّ مَوْلَاتهَا )
: أَيْ مُعْتَقَة أُمّ دَاوُدَ وَكَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاة لِبَعْضِ نِسَاء الْأَنْصَار ، وَالْمَوْلَى : اِسْم مُشْتَرَك بَيْن الْمُعْتِق بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح ، وَالْمُرَاد هَاهُنَا بِالْكَسْرِ ،
( أَرْسَلَتْهَا )
: الضَّمِير الْمَرْفُوع لِلْمَوْلَاةِ وَالْمَنْصُوب لِأُمِّهِ
( بِهَرِيسَةٍ )
: فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة ، هَرَسَهَا - مِنْ بَاب قَتَلَ - دَقَّهَا .
قَالَ اِبْن فَارِس : الْهَرْس : دَقّ الشَّيْء وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْهَرِيسَة : وَفِي النَّوَادِر : الْهَرِيس : الْحَبّ الْمَدْقُوق بِالْمِهْرَاسِ قَبْل أَنْ يُطْبَخ ، فَإِذَا طُبِخَ فَهُوَ الْهَرِيسَة بِالْهَاءِ ، وَالْمِهْرَاس بِكَسْرِ الْمِيم : هُوَ الْحَجَر الَّذِي يُهْرَس بِهِ الشَّيْء ، وَقَدْ اُسْتُعِيرَ لِلْخَشَبَةِ الَّتِي يُدَقّ فِيهَا الْحَبّ ، فَقِيلَ لَهَا مِهْرَاس عَلَى التَّشْبِيه@

الصفحة 142