كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

بِالْمِهْرَاسِ مِنْ الْحَجَر .
كَذَا فِي الْمِصْبَاح ، وَفِي بَعْض كُتُب اللُّغَة : هَرِيس كَأَمِيرٍ طَعَام يُتَّخَذ مِنْ الْحُبُوب وَاللَّحْم وَأَطْيَبُهُ مَا يُتَّخَذ مِنْ الْحِنْطَة وَلَحْم الدِّيك .
قَالَتْ أُمّ دَاوُدَ
( فَوَجَدْتُهَا )
: أَيْ عَائِشَة
( فَأَشَارَتْ إِلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا )
: أَيْ الْهَرِيسَة ، وَ " أَنْ " مُفَسِّرَةٌ لِمَا فِي الْإِشَارَة ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ مِثْل هَذِهِ الْأَشْيَاء جَائِزَة فِي الصَّلَاة ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيث الْكَثِيرَة الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا هُوَ الْحَقّ
( بِفَضْلِهَا )
: أَيْ بِسُؤْرِ الْهِرَّة .
قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّ ذَات الْهِرَّة طَاهِرَة ، وَأَنَّ سُؤْرهَا غَيْر نَجِس وَأَنَّ الشُّرْب مِنْهُ وَالْوُضُوء غَيْر مَكْرُوه .
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ سُؤْر كُلّ طَاهِر الذَّات مِنْ السِّبَاع وَالدَّوَابّ وَالطَّيْر وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُول اللَّحْم طَاهِر .
اِنْتَهَى .
قَالَ التِّرْمِذِيّ : وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ الْعُلَمَاء مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ مِثْل الشَّافِعِيّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاق لَمْ يَرَوْا بِسُؤْرِ الْهِرَّة بَأْسًا .
قُلْت : وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُف وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : بَلْ نَجِس كَالسَّبُعِ ، لَكِنْ خُفِّفَ فِيهِ فَكُرِهَ سُؤْره ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ الْهِرَّة سَبُع فِي حَدِيث أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ [ السِّنَّوْر سَبُع ] وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَدِيث الْبَاب نَاطِق بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ ، فَيُخَصَّص بِهِ عُمُوم حَدِيث السِّبَاع بَعْد تَسْلِيم وُرُود مَا يَقْضِي بِنَجَاسَةِ السِّبَاع ، وَأَمَّا مُجَرَّد الْحُكْم عَلَيْهَا بِالسَّبُعِيَّةِ فَلَا يَسْتَلْزِم أَنَّهَا نَجَس ، إِذْ لَا مُلَازَمَة بَيْن النَّجَاسَة وَالسَّبُعِيَّة ، عَلَى@

الصفحة 143