كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 1)

هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة وَهَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة وَالزِّيَادَة الْمُتَقَدِّمَة فِي قَوْله مِنْ الْإِنَاء الْوَاحِد تَرُدُّ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِل اِسْتَبْعَدَ اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء الْأَجَانِب ، وَقَدْ أَجَابَ اِبْن التِّين عَنْهُ أَنَّ مَعْنَاهُ : كَانَ الرِّجَال يَتَوَضَّئُونَ وَيَذْهَبُونَ ثُمَّ تَأْتِي النِّسَاء فَتَتَوَضَّأْنَ ، وَهُوَ خِلَاف الظَّاهِر مِنْ قَوْله جَمِيعًا .
قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْجَمِيع ضِدّ الْمُفْتَرِق ، وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِوَحْدَةِ الْإِنَاء فِي صَحِيح اِبْن خُزَيْمَة فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق مُعْتَمِر عَنْ عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَتَطَهَّرُونَ وَالنِّسَاء مَعَهُمْ مِنْ إِنَاء وَاحِد كُلّهمْ يَتَطَهَّر مِنْهُ .
قَالَهُ الْحَافِظ .
قَالَ الْحَافِظ الْإِمَام الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ الْإِنَاء الْوَاحِد .
اِنْتَهَى .
73 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( نُدْلِي فِيهِ أَيْدِيَنَا )
: هُوَ مِنْ الْإِدْلَاء وَمِنْ التَّفْعِيل وَالْأَوَّل لُغَة الْقُرْآن .
كَذَا فِي التَّوَسُّط ، يُقَال : أَدْلَيْت الدَّلْو فِي الْبِئْر وَدَلَّيْتهَا إِذَا أَرْسَلْتهَا فِي الْبِئْر ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء الْقَلِيل لَا يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ أَوَانِيهمْ كَانَتْ صِغَارًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَام الشَّافِعِيّ فِي الْأُمّ فِي عِدَّة مَوَاضِع .
وَأَمَّا اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء لِلْوُضُوءِ فِي إِنَاء وَاحِد فَلَا مَانِع مِنْ الِاجْتِمَاع قَبْل نُزُول الْحِجَاب ، وَأَمَّا بَعْده فَيَخْتَصّ بِالزَّوْجَاتِ وَالْمَحَارِم .
وَنَقَلَ الطَّحَاوِيّ ثُمَّ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ الِاتِّفَاق عَلَى جَوَاز اِغْتِسَال الرَّجُل وَالْمَرْأَة مِنْ الْإِنَاء الْوَاحِد ، وَفِيهِ نَظَر لِمَا حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يُنْهَى عَنْهُ ، وَكَذَا حَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ عَنْ قَوْم وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة عَلَيْهِمْ .@

الصفحة 147